للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذلك ممتنعٌ عليه سبحانه، لكن الشَّرع قد وَرَدَ بإطلاق ذلك عليه (١).

وأمَّا القسم الثاني: من امتناع وصفه به وإنْ ثَبَتَتْ (٢) مَعَانيه نحو فقيه وعَاقِل وفَطِن وذَكي وفَهِم ومُتحقق، لأنَّ جَميع ذلك معناه: أنَّه عالم لا يَنسى، وفَاضل معناه: أنَّه ذُو فضل في علمه وقُدرته وتدبيره وحكمته، وكذلك "مُوَقَّر" معناه معنى فاضل، وكذلك "عَتيق" معناه: القِدَم وهو موصوف بالقدم، وكذلك "طبيب" معناه عالم ولهذا يقال: فلان طبيب بهذا الأمر، أيْ عالم (٣).

وإنَّما أمتنع من تسميته بذلك لمنع الشَّرع ولمعانٍ (٤) أُخَر، هو أنَّ الفِقْه هو علم العالم بما لم يكن عالمًا به من قبل، ولذلك يُقال: فَقِه الشيء، إذا علم عِلمْه بعد أنْ لم يكن عالمًا به.

والعقل يُفيد العلم المانع للنَّفس من مُوَاقَعة ما تدعوا إليه من فعل القبيح، والله سبحانه ليس بذي طَبْعٍ، ولا داعٍ إلى فعل يمنعه العلم بقبحه عن فعله.

والِفْطنَة تنبيه على علم ما لم يكن مَعلومًا، وسُرْعَة أَخْذِ العِلم لما لم يكن الأَخْذ (٥) عالمًا به، وذلك مستحيل في صفته.


(١) أي: من المعلوم أن الله تعالى يثبت له من الصفة أعلاها وأكملها وأليقها به سبحانه وتعالى، وينفى عنه ما لا يليق بكماله وجماله.
(٢) كتب بمحاذاته: بلغ مقابلة.
(٣) روى الإمام أبو داود في الترجل (٤٢٠٧) عن إياد بن لقيط عن أبي رمثة في هذا الخبر قال: فقال له أبي: أرني هذا الذي بظهرك، فإني رجل طبيب، قال: "الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق، طبيبها الذي خلقها".
قال الحليمي: فأما صفة تسمية الله تعالى به فهو إن ذكر في حال الاستشفاء، مثل أن تقول: اللهم أنت المصح الممرض والمداوي الطبيب ونحو ذلك، فأما أن تقول: يا طبيب كما تقول: يا رحيم أو يا كريم، فإن ذلك مفارقة لأدب الدعاء، والله أعلم" (المنهاج ١/ ٢٠٩). وقد ذكره في الأسماء أيضًا: البيهقي وابن العربي والقرطبي وغيرهم.
(٤) في الأصل: ولمعاني، وهو خطأ، نبه عليه الناسخ.
(٥) في الأصل: لما لم يكن الآخذ لم عالمًا، ولم زائدة لا معنى لها.

<<  <   >  >>