للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أنْ يَستعيذَ به من شَرِّ حاسدٍ إذا حَسَد، أنا أعوذُ بالله من ذلك، وليس للحاسد إلا ما حسد، وقد مَنَع الله عزَّ وجلَّ عن قبول قول المدَّعي، حتى يأتي على قوله ببرهان (١).

وقال -صلى الله عليه وسلم- "لو يُعْطَى النَّاسُ بدَعْوَاهُم، لادَّعَي أُنَاسْ دِمَاءَ ناسٍ وأَمْوالهم" (٢).

فاعلم رحمك الله أنَّ الدَّعوى بلا بَيِّنهٍ، لا تُوجب صدقَ مُدَّعيها، وحذَّر الله عَزَّ وجَلَّ من قبول قولِ الفاسق، وأمر بالتَّثبت في خبره، فقال تعالى {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: ٦].

ونهى جل وعز عن التجسس والغيبة، فقال {وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: ١٢] وخبَّر جَلَّ ثَنَاوُه أنَّ بعض الظَّنِّ إثم (٣)، وأعلم تعالى أنَّ الظن لا يُغني من الحَقِّ شيئًا (٤).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إيَّاكُم والظَنّ فإنَّه يكذب" (٥).

٣٠٩ - وقال "مَا ظَنَنْتُم فلا تُحَقِّقوا" (٦).


(١) كما قال سبحانه {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [النمل: ٦٤]. وقال {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} [الأنعام: ١٤٨].
(٢) رواه البخاري في التفسير (٤٥٥٢) ومسلم في الأقضية (٣/ ١٣٣٦) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٣) في قوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: ١٢].
(٤) في قوله تعالى {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: ٢٨].
(٥) الحديث بلفظ "إياكم والظن، فإن الظن أكذبُ الحديث .. " رواه البخاري (٩/ ١٩٨ - ١٩٩) (١٠/ ٤٨١) (١٣/ ٤) ومسلم في البر والصلة والأداب (٤/ ١٩٨٥) من حديث أبي -رضي الله عنه- ولعل المصنف ذكره بالمعني، ونبه عليه الناسخ.
(٦) الحديث ضعفه السيوطي في الجامع - كما في فيض القدير (٧٤٧) وعزاه لابن ماجه! ولفظة "إذا ظننتم فلا تحققوا، وإذا حسدتم فلا تبغوا، وإذا تطيرتم فامضوا، وعلى الله فتوكلوا، وإذا وزنتم فأرجحوا". وعزاه المناوي للديلمي وإنما أخرج ابن ماجه (٢٢٢٢) =

<<  <   >  >>