للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذي فسره بعض المفسرين مما توقف ابن عباس، فإنه لم يذكر مراد الله فيها بل قال: يظهر لي فيها كذا، ويسنح كذا والله هو العالم بالتأويل.

فإن قيل: فقد قال {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩].

قيل: كما قال {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: ٢٥] ولم تدمر السماوات والأرض، وقال {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: ٢٣] ولم تؤت مثل فرج الرجل ولحيته.

فإن قيل: إذا لم يدخل الراسخون مع الله في العلم، لم يكن لهم فضل على من لم يرسخ في العلم، لأن كلَّ المسلمين يقولون آمنا به.

قيل: فضل الراسخين على غيرهم، أنهم يعرفون الأحكام المحكمات ما لا يعرفهم غيرهم، وقد قيل: إن فضيلتهم تحصل بإيمانهم بالغيب على من لم يؤمن به، وقد قال تعالى {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: ٣٩] وهذا يدل على أن هناك من لم يؤمن به، فكانت فضيلتهم بالإيمان به.

فإن قيل: فنسلم لكم أنَّ في القرآن ما لا يعلم تأويله غير الله، لكن فائدته التلاوة التي هي طاعة، وهي مندوبٌ إليها يُثَاب على فعلها، فأما الأخبار فمتى لم يعرف معناها بلغة العرب، عَريت عن فائدة، لأنها لا تفيد عملًا، ولا تُثبت علمًا، ولا ثواب في فعلها.

قيل: لا تعرى عن فائدة لما بَيَّنا فيما قبل، وهو اختبار العباد ليؤمن به المؤمن فيسعد، ويكفر به الكافر فيشقى، لأن سبيل المؤمن أن يُصَدِّقَ بما جاء به الرسول.

٥٠ - ودليل آخر، ما روى أبو هريرة وعبد الله بن عمرو عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "يَحْملُ هذا العلم من كلِّ خَلَفٍ عُدُوله، يَنْفون عنه تحريف الغالين، وانتحال

<<  <   >  >>