للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأيضا فإن الله تعالى لما وصف الخلائق قال:

{خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ} [الرحمن:١٤،١٥].

فلو كانت الملائكة صنفا ثالثا لما كان يدع أشراف الخلائق فلا يتمدّح بالقدرة على خلقه.

قال ومن خالف هذا القول قال: إنّ سكان الأرض ينقسمون إلى إنس وجنّ، فأما من خرج عن هذا الحد لم يلحقه اسم الإنس وإن كان مرئيا ولا اسم الجنّ وإن كان غير مرئي.

والذي يدل على أنّ الملائكة غير الجنّ أنّ الله عزّ وجلّ لما أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس أخبر الله عزّ وجلّ عن سبب مفارقته الملائكة فقال:

{إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف:٥٠].

فلو كان كلّهم جنّا لاشتركوا في الامتناع عن السجود، ولم يكن في أنّ إبليس كان من الجن ما يحمله على أن لا يسجد. وفي هذا ما أبان انّ الملائكة خير، والجن خير وانهما فريقان شتى. وإنّما دخل إبليس في الأمر الذي خوطبت به الملائكة لأنّ الله تعالى قد أذن له في مساكنة الملائكة ومجاورتهم بحسن عبادته وشدة اجتهاده فجرى في عدادهم، فلما أمرت الملائكة بالسجود لآدم، دخل في الجملة الملك الأصلي والملحق بهم غير ان مفارقته الملائكة في أصل جبلته حملته على مفارقتهم في الطاعة فلذلك قال الله عز وجل:

{إِلاّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف:٥٠].

وأما قول الله عز وجل:

{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} [الصافات:١٥٨].

فيحتمل أن ذلك تسميتهم الأصنام الهة، ودعواهم أنها بنات الله عزّ وجلّ، وتقرّبهم بعبادتها إلى الله عزّ وجلّ، وذلك حين كان شياطين الجن

<<  <  ج: ص:  >  >>