قال الله عز وجل:{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً}[النساء:٥٨].
وقال:{إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً}[النساء:١٠٥] وقال في صفة نفسه «قائما بالقسط».
وقال:{وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الحجرات:٩] وغير ذلك من الآيات التي أمر فيها بالعدل في الحكم والكيل والميزان والشهادة قال:
فوصف جل ثناؤه بالقسط وهو العدل وأمر عباده ووصاهم فيما يتعاملون به بملازمته والانتهاء إلى ما يوجبه آلة العدل الموضوعة بينهم من الكيل والميزان فثبت بهذا كله أن العدل بين الناس في الأحكام وعامة المعاملات من فرائض الدين فأما ما اتصل بغير الحكم فالناس كلهم مأمورون بأن ينصف بعضهم بعضا من نفسه فلا الطالب يطلب ما ليس له ولا المطلوب يمنع ما عليه بعد أن كان قادرا على أن يعفو به وأما ما اتصل منه بالحكم فجملته أن الحاكم لا ينبغي له أن يتبع هواه ولا يتعدى الحق إلى ما سواه كما قال الله عز وجل لداود عليه السّلام:
فإن الحاكم ليس رجلا خص من بين الناس فقيل له احكم بما شئت فإن هذا لم يكن لملك مقرب ولا نبي مرسل وإنما ائتمن على حكم الله تعالى جده ليفصل بين عباده ويحمل المختلفين عليه بكل ما قاله بين الخصمين ما ليس يحكم لله عز وجل فهو مردود عليه وهو أسوأ حالا ممن قاله وهو غير حاكم لأنه ائتمن فخان وكذب على الله جل ثناؤه واختيان الأمانة والكذب على الله شقاق والله تعالى يقول: