للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثالث والثلاثون من شعب الإيمان

وهو باب في تعديد نعم الله عز وجل وما يجب من

شكرها

قال الله عز وجل فيما عدد على عباده من نعمه ونبههم بذلك على ما يلزمهم من عبادته تعظيما له وشكرا:

{يا أَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

قال الحليمي رحمه الله وهذا يحتمل معنيين أحدهما: اعبدوه ولا تغللوا عن عبادته فإن من حقه عليكم أن تعبدوه إذ خلقكم وهو يرزقكم وينعم عليكم.

قال الشيخ رضي الله عنه: وقد أمركم بعبادته فصارت واجبة عليكم بأمره.

قال الحليمي والآخر: اعبدوه دون غيره فإنه خلقكم وخلق من قبلكم إنما كان منه لا من غيره فلا تجعلوا له ندا واخلصوا العبادة له ولا تسموا باسمه وهو (١) لا إله غيره ثم إن الله جل وعز بين مما عدد من نعمه على الناس ما يلزمهم به من تعظيمه أولا ثم شكره على ما ابتدأهم به منها.

قال الشيخ أحمد رضي الله عنه: قوله ما يلزمهم بها يريد ما يلزم بسببها ثم العزوم وقع بالأمر ألا تراه احتج بالآية ولو قال: ما يلزمهم فيها بأمره من تعظيمه أولا ثم شكره على ما ابتدأهم به منها لكان أصوب. قال: فقال:

{اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}.

فكان أول ما ذكر من نعمه خلقه إياهم وهذه والله أعلم إشارة إلى نفس الخلق بهيأته الذي أولاها الحياة ثم العقل لأن الحي بالعقل يعلم نفسه ويعلم غيره ويعلم فاعله ويميز بين السيء وضده.


(١) في المنهاج هو الله لا إله غيره ص ٥١٩ ج‍ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>