قال الإمام أحمد: ومعنى حسن الخلق سلامة النفس نحو الأرفق الأحمد من الأفعال وقد يكون ذلك في ذات الله تعالى وقد يكون فيما بين الناس وهو في ذات الله عز وجل أن يكون العبد منشرح الصدر بأوامر الله ونواهيه يفعل ما فرض عليه طيب النفس به سلسا نحوه وينتهي عما حرم عليه واسعا به غير متضجر منه ويرغب في نوافل الخير وترك كثيرا من المباح لوجه الله تعالى إذا رأى أن تركه أقرب إلى العبودة من فعله متبشرا لذلك غير ضجر منه ولا متعسر به وهو في المعاملات بين الناس أن يكون سمحا بحقوقه لا يطالب غيره بها ويوفي ما يجب لغيره عليها منه فإن مرض فلم يعد أو قدم من سفر فلم يزر أو سلم فلم يرد عليه أوضاف فلم يكرم أو شفع فلم يجب أو أحسن فلم يشكر أو دخل على قوم فلم يمكن، أو تكلم فلم ينصت له أو استأذن على صديق فلم يأذن له، أو خطب فلم يزوج، أو استمهل الدين فلم يمهل أو استنقص فلم ينقص وما أشبه ذلك لم يغضب ولم يعاقب ولم يتنكر من حاله حال، ولم يستشعر في نفسه أنه قد جفى وأوحش وأنه يقال كل ذلك إذا وجد السبيل إليه بمثله بل يضم أنه لا يعتد بشيء من ذلك ويقابل كلا منه بما هو أحسن وأفضل وأقرب إلى البر والتقوى وأشبه بما يحمد ويرضى ثم يكون في اتقاء ما يكون عليه كهوفي حظ ما يكون له فإذا مرض أخوه المسلم عاده وإن جاءه في شفاعة وإن استمهله في قضاء دين أمهله وإن احتاج منه إلى معونة أعانه وان استسمحه في بيع سمح له ولا ينظر إلى أن الذي عامله كيف كانت معاملته إياه فيما خلا أو كيف يعامل الناس إنما يتخذ الأحسن إماما لنفسه فينحو نحوه ولا يخالفه. والخلق الحسن قد يكون غريزة وقد يكون مكتسبا وإنما يصح اكتسابه لمن كان في غريزته أصل منه فهو يضم ما اكتسابه إليه ما يضمه ومعلوم في العادات أن ذا الرأي بمجالسته