المقلّد من تديّن ما تدين لأنه دين آبائه، وقرابته، وأهل بلده، وليس عنده وراء ذلك حجّة يأوي إليها.
والمرتاب من يقول: اعتقدت الإسلام، وتابعت أهله احتياطا لنفسي، فإن كان حقا فقد فزت، وإن لم يكن من ذلك شيء لم يضرني. وواحد من هذين ليس بمسلم.
وبسط الحليمي-رحمه الله تعالى-الكلام فيه، قال:
والمؤمن الذي ليس بمقلّد رجلان:
أحدهما: الذي يعرف الله-تعالى جدّه-بالدّلائل والحجج معرفة تامّة لا شك معها، وعرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحجج الدالّة على صدقه، ثم اعترف بالله ورسوله، وقبل عن رسوله جميع ما جاء به من عنده، وأسلم نفسه بالطاعة له فيما أمره به، ونهاه عنه.
والآخر: من يؤمن بالله إجابة لدعوة نبيّه بعد قيام الحجّة على نبوّته وبسط الكلام فيه إلى أن قال:
ثم ينظر، فإن كان المؤمن قبل أن آمن يثبت الله-تعالى جدّه-إلاّ أنه يلحد في أسمائه وصفاته، كان إيمانه الحادث ترك ذلك الإلحاد لما يقوله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويدعوه إليه.
وإن كان قبل ذلك لا يدين، ويرى أن لا صانع للعالم، وأنه لم يزل على ما هو عليه الآن، فوجه إيمانه بالله لدعوة نبيّه هو أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكر أنّ للعالم إلها واحدا لم يزل ولا يزال، ولا يشبه شيئا، قادرا لا يعجزه شيء، عالما، حكيما، كان ولا شيء غيره، وأبدع كل موجود سواه، واخترعه اختراعا لا من أصل، وأنّه أرسله إلى الناس ليعرّفه إليهم، وينبّههم على آثار خلقه التي يرونها ويعقلون عنها، ويدعوهم إلى طاعته وعبادته، وأنّ دلالته على صدقه هي ما أيّده به من