للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كذا وكذا مما لا يستطيع النّاس-وإن تظاهروا-أن يأتوا بمثله، وإنّه إذا كان واحد من الناس تجمعه وايّاهم البشرية ثم يجمعه وأهل بلده الهواء والأرض والماء، وكان ما عدا هذا-الذي يذكر أنه تأيد به ليكون دلالة على صدقه-لا يباين فيه أحدا من الناس، ويحتاج من الطعام والشراب إلى مثل ما يحتاجون إليه، ولا يقدر من الأشياء المعتادة إلا على ما يقدرون عليه، ويعجز عما يعجزون عنه؛ وجب أن يعلموا أنّه من فضل هذا الإله الذي اختصّ به فما هو خارج عن قضية العادات، عاجز مثلهم، وإنه وإن كان عاجزا عنه وقد وجد به وظهر على يده حتى انّه ليس من صنعه ولكن من صنع غيره. ولا جائز أن يكون ذلك الغير من جنسه، أو مثله، أو في القدرة نظيره، إذ لو كان كذلك لاستحال وجوده من غيره كما استحال وجوده منه.

وفي ذلك ما يوجب أن يكون من صنع صانع لا يفعل الاشياء بمثل القوة والقدرة التي بها صنع الصنّاع المشاهدون، وأنه كما لم يشبه صنعه صنعهم، فكذلك هو غير مشبه إياهم، ولا جائز عليه من معاني النقص ما هو جائز عليهم، فانتظمت حجته هذه إثبات الصانع على من يجهله ولا يعترف به، وإثبات رسالته من عنده. فمن استسلم لحجته، وصدّقه في جميع قوله، وآمن بجملة دعوته، كان إثبات الرسول والمرسل منه معا في مقام واحد.

فهذا وجه الإيمان بالله إجابة لدعوة رسوله إليه، وهذا إجابة بحجّة. ومن هذا الوجه كان إيمان عامّة المستجيبين للأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم.

ثم قد كان فيهم من تنبّه بعد، فرأى، ونظر، وبحث فبصّره الله تعالى من الدلائل ما شدّ به أزره، وعصم دينه، وقوى يقينه، وطلب من هذا العلم ما ينصر به الدين، ويجادل به أعداءه وينصب به للدفع عنه.

٨٢ - أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد المقرئ، أنبا الحسن بن


٨٢ - جعفر هو ابن أبي طالب، ووالد وهب وهو جرير بن حازم، ونصر بن علي هو ابن نصر الجهضمي الصغير.
والحديث أخرجه أحمد (١/ ٢٠١ و ٢٠٣) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن به.

<<  <  ج: ص:  >  >>