الذي نزل به الروح الأمين عليه السّلام على قلب محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأن جبريل نزل به من عنده وبالله التوفيق.
وأما الوجه الثاني وهو الاعتراف بأنه معجز النظم فقد مضى الكلام فيه، والإعجاز عند أكثر أصحابنا يقع في قراءة القرآن فنظم حروفه ودلالاته في عين كلامه القديم ولما كان الجن والإنس عاجزين عن الإتيان بمثله، والملائكة أيضا عاجزون عن الإتيان بمثله لأنه في قول أكثر أهل العلم ليس من جنس نظوم كلام الناس ولا يهتدى إلى وجهه (ليحتذى) ويمثل وهو كتركيب الجواهر لتصير أجساما، وقلب الأعيان، إذ كما لا يقدر عليه الجن والإنس لا يقدر عليه الملائكة؛ وإنما وقع التحدي عليه للجن والإنس دون الملائكة لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما أرسل إلى الجن والإنس دون الملائكة وفي ذلك ما أبان أن نظم القرآن ليس من عند جبريل ولكنه من عند اللطيف الخبير وهذا معنى كلام الحليمي رحمه الله. الوجه الثالث: فبيانه أن الله عزّ وجلّ ضمن حفظ القرآن فقال:
فمن أجاز أن يتمكن أحد من زيادة شيء في القرآن أو نقصانه منه أو تحريفه فقد كذّب الله في خبره وأجاز الخلف فيه وذلك كفر.
وأيضا فإن ذلك لو كان ممكنا لم يكن أحد من المسلمين على ثقة من دينه ويقين مما هو متمسك به لأنه كان لا يأمن أن يكون فيما كتم من القرآن أوضاع، بنسخ شيء مما هو ثابت من الأحكام أو تبديله بغيره،
وبسط الحليمي رحمه الله الكلام فيه فصح أن من تمام الإيمان بالقرآن الاعتراف بأن جميعه هو هذا المتوارث خلفا عن سلف لا زيادة فيه ولا نقصان منه وبالله التوفيق.