المخلّط لأنّه لو تركت له حسنة لم توزن، لزاد ذلك في ثقل سيئاته فأوجب ذلك زيادة في عذابه.
فأما أنّ الوزن كيف يكون؟ ففيه وجهان:
أحدهما أنّ صحف الحسنات توضع في الكفّة النيّرة، وصحف السيئات في الكفّة المظلمة، لأن الأعمال لا تنسخ في صحيفة واحدة. ولا كاتبها يكون واحدا، لكن الملك الذي يكون عن اليمين، يكتب الحسنات، والملك الذي يكون على الشمال يكتب السيئات، فيتفرّد كل واحد منهما بما ينسخ، فإذا جاء وقت الوزن وضعت الصحف في الموازين، فيثقّل الله عز وجل ما يحقّ تثقيله، ويحفّف ما يحقّ تخفيفه.
والوجه الآخر أنه يجوز أن يحدث الله تبارك وتعالى أجساما مقدرة بعدد الحسنات والسيئات، ويميّز إحداهما عن الأخرى بصفات تعرف بها فتوزن، كما توزن الأجسام بعضها ببعض في الدنيا، والله أعلم، ويعتبر في وزن الأعمال مواقعها من رضى الله عز وجل وسخطه.
وذهب أهل التفسير إلى إثبات هذا الميزان بكفّتيه وجاء في الأخبار ما دلّ عليه. وقد روى الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس أنه قال:
الميزان له لسان وكفّتان، يوزن فيه الحسنات والسيئات، فيؤتى بالحسنات في أحسن صورة فتوضع في كفّة الميزان، فيثقل على السيئات، قال: فيؤخذ فيوضع في الجنّة عند منازله، ثمّ يقال للمؤمن: الحق بعملك قال فينطلق إلى الجنّة، فيعرف منازله بعمله، قال: ويؤتى بالسيئات في أقبح صورة، فتوضع في كفّة الميزان فتخفّف،-والباطل خفيف-فيطرح في جهنم إلى منازله منها ويقال له: الحق بعملك إلى النار، قال: فيأتي النّار فيعرف منازله بعمله، وما أعد الله فيها من ألوان العذاب، قال ابن عباس: فلهم أعرف بمنازلهم في الجنة والنار بعملهم من القوم ينصرفون يوم الجمع راجعين إلى منازلهم.
٢٨٢ - أخبرنا أبو عبد الرحمن الدهان، أنا الحسين بن محمد بن هارون، ثنا أحمد بن محمد بن نصر، ثنا يوسف بن بلال، ثنا محمد بن مروان عن الكلبي فذكره.