بملكه وسلطانه ونفاذ مشيئته في خلقه، وإنّ إغفال ذلك إغفال العبودية إذ كان من حقّ كلّ عبد ومملوك أن يكون راهبا لمولاه لثبوت يد المولى عليه، وعجز العبد عن مقاومته وترك الانقياد له.
قال الحليمي رحمه الله: والخوف على وجوه:
أحدها: ما يحدث من معرفة العبد بذلّة نفسه وهوانها وقصورها، وعجزها عن الامتناع عن الله-تعالى جدّه-إن أراده بسوء وهذا نظير خوف الولد والديه، وخوف النّاس سلطانهم وإن كان عادلا محسنا، وخوف المماليك ملاّكهم.
والثاني: ما يحدث من المحبة؛ وهو أن يكون العبد في عامة الأوقات وجلا من أن يكله إلى نفسه، ويمنعه موادّ التوفيق، ويقطع دونه الأسباب. وهذا خلق كلّ مملوك أحسن إليه سيّده، فعرف قدر إحسانه فأحبّه، فإنّه لا يزال يشفق على منزلته عنده خائفا من السقوط عنها والفقد لها.
الثالث: ما يحدث من الوعيد. وقد نبّه الكتاب على هذه الأنواع كلّها.
أما الأوّل فقوله تعالى:
{ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقاراً}[نوح:١٣].
أي لا تخافون لله عظمة.
قال البيهقي رحمه الله: هكذا فسّره الكلبي فيما رواه عن أبي صالح، عن ابن عباس.
٧٢٨ - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس، ثنا عثمان بن سعيد، ثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ:
{ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقاراً}.
يقول: عظمة.
٧٢٨ - عزاه السيوطي في الدر (٦/ ٢٦٨) إلى ابن جرير والمصنف.