فعرفهم انّه لا ينبغي لهم في حال من الأحوال أن يفارقوا طاعته أو يقصّروا في شكره، مستشعرين منه أمنا لما يرونه من نعمه السابغة عليهم، مقدّرين انّه راض منهم باليسير من الطاعة التي يوفونه من أنفسهم، فإنّه لا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون، بل سبيلهم أن يكونوا في الأحوال كلّها مشفقين من سخطه ومؤاخذته، مخطرين بقلوبهم انّه إن أراد بهم هلكا أو سوءا دونه ما كان، لم يجدوا من يدفعه عنهم ولا من يمنعه بما يملكه منهم.
وأمّا الثاني فإنّ الله جلّ ثناؤه أثنى على الذين يدعونه فيقولون:
{رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا} وقرأ الآية.
وسماهم الراسخين في العلم ومعلوم انّ أحدا لا يدعو فيقول: رب لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، إلاّ وهو خائف على الهدى الذي أكرمه الله تعالى به أن يسلبه إيّاه.