وأولاهن: أن يكون المرغوب فيه ممّا يبلغ قدر السائل أن يسأله، وتفسيره أنّه ليس لأحد أن يتشبّه بإبراهيم عليه السّلام فيدعو الله جلّ ثناؤه أن يريه كيف يحيي الموتى، ولا أن يتشبّه بموسى عليه السّلام فيقول:
ولا لأحد أن يسأل الله تعالى إنزال ملك عليه فيسأله عن خبر من أخبار السماء، أو إحياء أبويه، لأنّ نقض العادات إنّما يكون من الله تعالى لتأييد من يدعو إلى دينه، لا لشهوات العباد ومناهم، إلاّ أن يكون السائل نبيّا فيجمع إجابته إيّاه أمنيته وتأييده بما يصدّق دعوته، ولكنّه إن دعا كما دعا نوح عليه السّلام فقال:
{رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً}[نوح:٢٦].
جاز، وإنّما يبعثه عليه بعض أعداء الله؛ وكذلك إن حدثت له ضرورة من جوع أو برد شديد أو غير ذلك في بادية هو مأذون له في دخولها من جهة الشرع، أو أصابه عمى ولا قائد له فدعا الله أن يكشف ما به الضّرّ مطلقا، كان ذلك جائزا، وإن كان في إصابته إيّاه نقض العادة. وقد يفعل به ذلك من غير مسألته جزاء له لتوكلّه وقوة إيمانه.
قال ومن أركانه: أن لا يكون عليه في سؤال ما يسأل حرج.
ومنها: أن يكون له في السؤال غرض صحيح.
ومنها: أن يكون حسن الظنّ بالله عزّ وجلّ عند الدّعاء فتكون الإجابة على قلبه أغلب من الردّ.
ومنها: أن يدعو الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا قال الله تعالى: {وَلِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها}[الأعراف:٨٠].
ومنها: أن يسأل ما يسأل بجدّ وحقيقة، ولا يأخذ دعاء مؤلّفا فيسرده سردا وهو عن حقائقه غافل.