البرير» -قال: قلت لأبي حرب: وما البرير؟ قال: طعام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تمر الأراك-».
«فقدمنا على اخواننا هؤلاء من الأنصار وعظم طعامهم التمر فواسونا فيه، فو الله لو أجد لكم الخبز واللحم لا شبعتكم منه، ولكن عسى أن تدركوا زمانا حتى يغدي على أحدكم بجفنة، ويراح عليه بأخرى» قال: فقالوا يا رسول الله أنحن اليوم خير أو ذلك اليوم؟ قال:«لا، بل أنتم اليوم خير منكم يومئذ، أنتم متحابّون، وأنتم يومئذ يضرب بعضكم رقاب بعض» أراه قال-متباغضون.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: وفي هذا الحديث أنّ أصحاب الصفّة لم يصبروا على المجاعة حتى أعلموا من أملوا أن يغير أحوالهم فلم ينكر ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليهم ولكنّه أجابهم بما سكّن عنهم، فدلّ ذلك على أنّ طلب ما تقع إليه الحاجة ليس بمضادّ للتوكل إذا كان الطالب لا يطلب إلاّ متوكّلا على الله تعالى في إظفاره بمطلوبه.
١٢٠١ - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، أنا عبد الوهاب بن عطاء، أنا الأخضر بن عجلان، حدثني أبو بكر الحنفي، عن أنس بن مالك قال:
جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فشكا إليه الفاقة ثمّ رجع، فقال: يا رسول الله!
لقد جئتك من عند أهل بيت ما أراني أرجع إليهم حتى يموت بعضهم قال: فقال له:
«انطلق هل تجد من شيء» قال: فانطلق فجاء بحلس وقدح، فقال: يا رسول الله! هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه ويكتسون بعضه، وهذا القدح كانوا يشربون فيه. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«من يأخذهما منّي بدرهم؟» فقال رجل: أنا يا رسول الله. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«من يزيد على درهم؟» فقال رجل: «أنا آخذهما باثنين، فقال: «هما لك» فدعا الرجل فقال له: «اشتر بدرهم فاسا وبدرهم طعاما لأهلك» قال: ففعل ثم رجع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «انطلق إلى
١٢٠١ - أخرجه المصنف في السنن الكبرى (٧/ ٢٥) عن أبي عبد الله الحافظ وأبي سعيد بن أبي عمرو كلاهما عن أبي العباس محمد بن يعقوب-به.