سفيان ثنا الحكم بن موسى ثنا هقل بن زياد عن الأوزاعي حدثني أبو عمار حدثني عبد الله بن فروح حدثني أبو هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع» وفي رواية بشر: «أنا سيد بني آدم» وقال: «تنشق عنه الأرض».
رواه مسلم في الصحيح عن الحكم بن موسى.
قال الحليمي رحمه الله:
ولأن شرف الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالرسالة ونبينا خص بأشرف الرسالات فإنها نسخت ما تقدمها من الرسالات ولا يأتي بعدها رسالة تنسخها وإلى هذا المعنى أشار ربنا عز وجل فيما وصف به كتابه إذ قال:{وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} فقيل معناه: ليس فيما تقدمه يكذبه ولا يأتي بعده ما يوقفه وفي هذا ما دل على أن هذه الرسالة أفضل الرسالات فصح أن المرسل بها أفضل الرسل. والله أعلم.
ومنها: أن الله تعالى أقسم بحياته ومعقول أن من أقسم بحياة غيره فإنما يقسم بحياة أكرم الأحياء عليه فلما خص الله نبينا صلّى الله عليه وسلّم من بين البشر بأن أقسم بحياته فقال: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} بأنه أفضلهم وأكرمهم وأقسامه بالتين والزيتون وطور سنين وغير ذلك يدل على فضله على من يدخل في أعداده كذلك إقسامه بحياة محمد صلّى الله عليه وسلّم يدل على فضله على من يدخل في عداده ومنها: أن الله تعالى جمع له بين إنزال الملك عليه وإصعاده إلى مساكن الملائكة وبين إسماع كلام الملك وآرائه إياه في صورته التي خلقه عليها وجمع له بين إخباره عن الجنة والنار وإطلاعه عليهما فصار العلم له واقعا بالعالمين ودار التكليف ودار الجزاء عيانا. وبسط الكلام فيه وهذا بين في الأحاديث التي ذكرناها في معراج النبي صلّى الله عليه وسلّم وهي في الحادي عشر والثاني عشر من كتاب دلائل النبوة ومنها: أن من ينزل عليه الملك كرامة له إذا كان أفضل ممن لم ينزل عليه وحسب أن يكون من ينزل عليه فيتجاوز مكالمته إلى مقاتلة المشركين عنه حتى يظفره الله عليهم أفضل ممن لا يكون من الملك إلا إبلاغ الرسالة إياه ثم الانصراف عنه ومعلوم أن هذا لم يكن إلا لنبينا صلّى الله عليه وسلّم فينبغي أن يكون لذلك