٧٩ - وفيما أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة أنبا أبو العباس الأصم أنبا الربيع قال: قال الشافعي-رحمه الله تعالى-:
«الإقرار بالإيمان وجهان فمن كان من أهل الأوثان، ومن لا دين له يدّعي انّه دين نبّوة، فإذا شهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمدا عبده ورسوله، فقد أقرّ بالإيمان، ومتى رجع عنه قتل، ومن كان على دين اليهودية والنّصرانية، فهولاء يدّعون دين موسى وعيسى عليهما الصلاة والسّلام، وقد بدّلوا منه، وقد أخذ عليهم فيه الإيمان بمحمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكفروا بترك الإيمان به، واتباع دينه مع ما كفروا به من الكذب على الله قبله، فقد قيل لي إنّ فيهم من هو مقيم على دينه يشهد أن لا إله إلاّ الله، ويشهد أنّ محمدا رسول الله، ويقول لم يبعث إلينا. فإن كان فيهم أحد هكذا فقال أحد منهم: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمدا رسول الله، لم يكن هذا مستكمل الإقرار بالإيمان حتى يقول: وإنّ دين محمد حقّ أو فرض، وأبرأ مما خالف دين محمد صلّى الله عليه وسلّم أو دين الإسلام. فإذا قال هذا، فقد استكمل الإقرار بالإيمان». وبسط الكلام فيه.
وعلى قياس هذا فكل من تلفّظ بكلام محتمل لم يكن ذلك منه صريح إقرار بالإيمان حتى يأتي بما يخرجه عن حدّ الاحتمال.
وقد بسط الحليمي-رحمه الله تعالى-الكلام في شرحه.
وقد ينعقد الإيمان بغير القول المعروف إذا أتى بما يؤدّي معناه، وما ذكرنا من الآية دلالة على ذلك.
قال البيهقي-رحمه الله:
وقد روينا في حديث المقداد بن الأسود انه قال:
(يا رسول الله! أرأيت إن لقيت رجلا من الكفّار، فقاتلني، فضرب إحدى يديّ بالسيف، فقطعها، ثم لاذ منّي بشجرة فقال: أسلمت لله، أقتله يا رسول الله! بعد ان قالها؟