يقول:(ولا محيد) يعني: لا مفر ولا مخرج ومهرب (عن القدر المقدور) وهذا ما قاله عبادة رضي الله عنه لابنه: (واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك) وهذا قد جاء مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من غير حديث عبادة رضي الله عنه، وفيه وجوب الإيمان بأن ما نزل بك لا يمكن أن يندفع عنك مهما فعلت، وما صرفه الله عنك لا يمكن أن يصيبك مهما سعى الناس أن ينزل بك.
وهذا معنى ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لـ ابن عباس في الوصية الشهيرة المعروفة:(احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإذا اجتمعوا على أن يضروك بشيء، فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف) أي: قضي الأمر وفرغ منه، ليس الأمر وليد الساعة أو الآن، أو يمكن زحزحته وتغييره، بل هو أمر قضاه الله وقدره قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
لما خلق القلم قال له:(اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ماهو كائن إلى يوم القيامة) ، فإذا أيقن العبد بهذا اطمأن وعلم أنه لا مفر من تقدير الله عز وجل ولا محيد من القدر المقدور، أي: التقدير الذي قدره الله جل وعلا.