قال رحمه الله:(ولا تدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته) ، الجنة هي دار النعيم الكامل التي أعد الله فيها لعباده الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
نسأل الله أن نكون من أهلها! هذه الدار لا يدخلها أحد قبل أمة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(نحن الآخرون الأولون يوم القيامة) أول الأمم دخولاً الجنة أمة الإسلام، أمة النبي صلى الله عليه وسلم؛ مع كونها آخر الأمم من حيث الزمن والتاريخ في الحياة الدنيا، لكن هذا التأخر الزمني لم يمنع من أن يسبقوا الأمم قبلهم في دخول الجنة، وذلك لما خصهم الله به من كمال الشريعة، وتمام العبودية لله عز وجل.
ويدل لهذا: أن أول شفيع في دخول الجنة هو النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم أشفق ما يكون على أمته؛ ولذلك يشفع في أمته، والأحاديث التي جاءت في ذكر الشفاعة العظمى ومجيء الناس للنبي صلى الله عليه وسلم لطلب الشفاعة، إذا نظرت إلى سياقها في أكثر ما ورد في الصحيحين وغيرها من دواوين السنة؛ تجد أنه إذا جاءه الناس لطلب فصل القضاء يشفع النبي صلى الله عليه وسلم لدى الله عز وجل في أمته (فأقول: أمتي أمتي، فيقول الله عز وجل: أخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان) .
وهذه الشفاعة التي ذكرها أهل العلم في داويين السنة ليست هي الشفاعة العظمى التي هي المقام المحمود، إنما هي شفاعته في بعض من دخل النار من أمته أن يخرج منها، أو من استحق النار ألا يدخلها، والسبب في ذكر هذا دون ذكر الشفاعة العظمى في أكثر هذه الأحاديث: أن الشفاعة العظمى لم ينكرها الخوارج ولا المعتزلة، إنما أنكروا وناقشوا وخالفوا في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر، أما شفاعته في الأمم لفصل القضاء فإنهم لم ينكروا ذلك، ولم يخالفوا فيه.
والمراد: أن هذه الأمة هي أول الأمم دخولاً الجنة، وهذا معنى قوله رحمه الله:(ولا يدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته) .