وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا:{لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ}[سبأ:٣١] ، وقال بعضهم:{إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ}[المدثر:٢٥] ، فقال الله سبحانه:{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}[المدثر:٢٦] ، وقال بعضهم: هو شعر، فقال الله:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ}[يس:٦٩]] .
قول المؤلف رحمه الله:(وفيه محكم ومتشابه) ، الضمير يعود إلى القرآن، دليل ذلك قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}[آل عمران:٧] ، (هن) يعني: أصله، (وأخر متشابهات) ، فالقرآن فيه محكم ومتشابه، ومعنى الإحكام في قوله تعالى:{مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ}[آل عمران:٧] الإتقان؛ فهو صفة لكل القرآن.
لكنه قال في تقسيم القرآن:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}[آل عمران:٧] ، فما معنى الإحكام والتشابه هنا؟ الإحكام هنا هو الآيات التي ليس فيها إلا معنى واحد؛ فهي آيات واضحة المعاني ليس فيها التباس ولا اشتباه.
والتشابه في قوله:{وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}[آل عمران:٧] ، أي: آيات تحتمل أكثر من معنى، فقوله رحمه الله:(فمنه محكم ومتشابه) ، أي: فيه ما هو واضح لا التباس فيه، وفيه ما خفي معناه واحتمل أكثر من معنى، وهذا القسم نصل إلى فهمه برده إلى المحكم.