ذكر الله جل وعلا المحاسبة، ووصف حسابه بأنه سريع، ووصف نفسه بأنه سريع الحساب، وهذه المحاسبة لا تختص بأهل الإيمان، بل تكون لأهل الإيمان وأهل الكفر، إلا أن أهل الإيمان حسابهم يسير، كما قال الله عز وجل:{فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا}[الانشقاق:٨] .
أما من نوقش الحساب فإنه يعذب، كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من نوقش الحساب عذب، قالت: يا رسول الله! ألم يقل الله عز وجل: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا}[الانشقاق:٨] فقال: لا، إنما ذلك العرض) ، أي: أن الله عز وجل يعرض الأعمال على أهل الإيمان ويقررهم عليها، لكنه لا يحاسبهم عليها ولا يعاقبهم بها.
أما الكفار فإنهم يحاسبون؛ لكن محاسبتهم ليست محاسبة موازنة تحصى فيها حسناتهم وسيئاتهم، فينظر أيهما يرجح؛ لأن الكافر لا حسنات له، وقد قال الله جل وعلا:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:٢٣] ، والهباء هو الأشياء المتطايرة في شعاع الشمس، وهل هذه توزن أو يتكون منها شيء؟ لا يتكون منها شيء؛ ولذلك قال الله عز وجل في الكافر:{فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}[الكهف:١٠٥] ، أي: لأنه لا عمل له يوزن، لكن المحاسبة التي ثبتت لأهل الكفر هي إحصاء الأعمال وعرضها على الكفار.
وأما المحاسبة التي توضع فيها الحسنات في كفة والسيئات في كفة؛ فلا تكون لأهل الكفر، لأنهم ليس لديهم حسنات حتى توزن وينظر هل ترجح بما معهم من السيئات أو لا؛ إنما معهم سيئات، وهي التي تهوي بهم في النار، نسأل الله السلامة والعافية.
أما أهل الإيمان فهم يحاسبون، وحسابهم عرض أعمالهم عليهم، وأيضاً الموازنة بين الحسنات والسيئات، وينقسم الناس في هذا إلى أقسام: منهم من ترجح حسناته، ومنهم من ترجح سيئاته، ومنهم من تستوي الحسنات والسيئات.