والأشراط تتنوع، وقد أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة مستفيضة، فلا إشكال في ثبوت علامات الساعة وأشراطها، فإنه قد جاء الخبر عنها في كتاب الله عز وجل في قوله:{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}[محمد:١٨] ، وكذلك في قوله تعالى:{أَزِفَتْ الآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم:٥٧-٥٨] ؛ فهاتان الآيتان في سورة النجم فيهما الدليل على قرب الساعة وقرب علاماتها؛ لأن الله عز وجل أخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم نذير من النذر الأولى، ثم أخبر بقرب الساعة لما ذكر نذارة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورسالته.
فأشراط الساعة كثيرة متنوعة ثبتت بكتاب الله عز وجل وبسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه العلامات تنقسم إلى أقسام: قسم منها ظهر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كبعثته وانشقاق القمر وما أشبه ذلك من الآيات التي أخبر بها صلى الله عليه وسلم وظهرت في زمانه.
وقسم منها ظهر بعد موته صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا ينقسم إلى قسمين: آيات وأشراط صغرى، وهي كثيرة لا حصر لها، ومنها ما رواه مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سؤال جبريل عن الساعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في جواب جبريل:(ما المسئول عنها بأعلم بها من السائل) ، ثم سأله عن علاماتها وأماراتها، فذكر من ذلك:(أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى العراة الحفاة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) ، فهذه من العلامات التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت في حديث اتفقت الأمة على قبوله والعمل به، فهو من أصح الأحاديث، وهذا الذي تضمنه الحديث هو من علامات الساعة الصغرى.
القسم الثاني من علامات الساعة: العلامات الكبرى، وهذه العلامات ليست على درجة واحدة، بل هي متفاوتة في الدلالة على قرب الساعة، فمنها ما يكون بين يدي الساعة مباشرة، وهو ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:(إن أول ما يكون من الآيات خروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأيهما كانت قبل كانت التي بعدها تليها) فهذا يدل على أن الأولية في أشراط الساعة الكبرى نسبية، فمنها ما يكون قريباً ومباشراً للساعة يدل على اختلال نظام الكون وقرب حصولها، ومنها ما يكون من العلامات الكبار والأشراط البينة الكبرى، لكنها ليست قريبة بين يدي الساعة، أي: ليست في القرب كالتي أخبر بأنها أول ما يكون من شأن الساعة، وذلك كخروج الدجال، ونزول عيسى بن مريم، وما أشبه ذلك من الآيات التي أخبر بها كالخسف الذي يكون في المغرب، والخسف الذي يكون في المشرق، والخسف الذي يكون في جزيرة العرب.