قال المؤلف رحمه الله:[ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حوض في القيامة، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأباريقه عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً] .
هذا بيان شيء مما يكون في ذلك الموقف، قال:(ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حوض في القيامة) ، الحوض: هو مجتمع الماء، فيكون لنبينا محمد حوض في أرض المحشر، دليل ذلك: أن الله جل وعلا قال لنبيه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}[الكوثر:١] ، ومن الكوثر الذي أعطاه الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم ذلك الحوض في ذلك الموقف، والأصل في معنى الكوثر: الخير الكثير، والله عز وجل قد أعطى رسوله صلى الله عليه وسلم خيراً كثيراً في الدنيا والآخرة، من ذلك ما خصه به من الحوض المورود، وإنما وصف الحوض بأنه حوض مورود؛ لكثرة من يرده من الناس، وذلك أن حوض النبي صلى الله عليه وسلم أكثر أحواض الأنبياء وارداً.
وفي جامع الترمذي من حديث سمرة:(أن لكل نبي حوضاً، وأعظم الأنبياء حوضاً النبي صلى الله عليه وسلم) ، والحوض كما هو ثابت في الكتاب فقد تواترت به سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه سلف الأمة وعلماؤها وأئمتها، وهو من أعظم ما خص الله به رسوله صلى الله عليه وسلم في أرض المحشر.
قوله:(ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأباريقه عدد نجوم السماء؛ من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً) ، هكذا جاء وصف الحوض عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث أبي ذر وثوبان وغيرهما من الصحابة.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر:(بأن الله قد أعطاه حوضاً ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وعدد كيزانه كعدد نجوم السماء، من شرب منه فلا يظمأ بعده أبداً) ، وجاء في رواية أبي ذر عند مسلم:(طعمه أحلى من العسل) ، وجاء أيضاً في رواية ثوبان، وجاء في رواية أبي ذر أيضاً أن:(طوله وعرضه سواء طوله شهر) هكذا جاءت الأحاديث في وصف هذا الحوض، نسأل الله عز وجل أن نكون ممن يرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه؛ فمن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً.
وموضع هذا الحوض قبل الصراط فيما يظهر من سياق ما يكون في الموقف: أنهم يشربون منه قبل أن يردوا الصراط.