أتى المؤلف بهذه الآية كدليل من الأدلة على أن القرآن كلام الله وليس بكلام البشر أو غيرهم، ووجه الدلالة هو أن الله جل وعلا تحدى كلاً من الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، أي: معيناً، ومع هذا فإنهم يعجزون عن أن يأتوا بمثله، قال الله تعالى:{قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} ، أي: لا يتمكنون ولا يتوصلون إلى الإتيان بمثله، {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} ، أي: ولو كان بعضهم يعين بعضاً في طلب ذلك وتحصيله.
وهذه الآية هي من الآيات المعجزة الدالة على أن هذا القرآن كلام الله عز وجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوحى الله إليه بأن يتحدى كلاً من الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، وهذا التحدي ليس مقصوراً على وقت النبي صلى الله عليه وسلم وزمنه، بل هو ممتد بامتداد الزمان والمكان؛ فمع كثرة المعارض المكذب وشدة سعيه في إبطال دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيب رسالته مع ذلك لم يأت أحد من الخلق يدعي أنه جاء بمثل هذا القرآن، وهذا دليل معجز واضح بين على أنه كلام رب العالمين، وأنه لا يأتي به بشر بل لا يأتي بمثله بشر.