قال رحمه الله:(قال الله تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء:٢٨] ) ، هذا فيه بيان أن أهل الإيمان والملائكة يشفعون، وأنهم لا يشفعون إلا لمن رضي الله عنه، وهذا فيه بيان شرط الشفاعة، وأنه لا يُشفع إلا فيمن رضي الله عنه، فمن لم يرض الله عنه لا تنفع فيه شفاعة.
(وهم) ، أي: هؤلاء الشافعون وهم الملائكة (من خشيته مشفقون) ، وهذا يبين لنا أن شفاعة الشافعين لا تكون عن استحقاق للشفاعة وإنما هي محض فضل الله عز وجل على الشافع والمشفوع.
ولذلك كانت حقيقة الشفاعة: إكرام الله عز وجل للشافع في أن يخلص المشفوع فيه؛ فهي كرامة للشافع بسبب توحيده، وإقراره لله بالإلهية، فيكرمه الله عز وجل بالشفاعة وينفع بها المشفوع، لكن لا يمكن أن تكون الشفاعة إلا بشرطين: برضا الله جل وعلا عن الشافع والمشفوع وبإذنه، قال تعالى:{وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}[الأنبياء:٢٨] ، {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة:٢٥٥] وقال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}[النجم:٢٦] ، فتبين لنا من هذا: أن الشفاعة لا تكون إلا لمن رضي الله عنه، ولمن أذن له جل وعلا في أن يشفع.