قال رحمه الله:(ومحمد رسول الله) ، أي: أرسله الله جل وعلا، وأدلة هذا كثيرة جداً من الكتاب ومن السنة، والشواهد الدالة على صدقه، والآيات والبراهين الدالة على صحة رسالته؛ كثيرة جداً لا تنحصر في قول الله ولا في قول النبي صلى الله عليه وسلم، بل دلائل صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم منها ما هو حالّ فيه، ومنها ما هو في خبره، ومنها ما هو في أسماء الله عز وجل وصفاته؛ فدلائل النبوة متعددة كثيرة كلها تدل على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول رب العالمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أرسله الله عز وجل إلى الناس عامة.
يقول المؤلف رحمه الله:(خاتم النبيين) ، أي: ختم الله به النبيين، وقد جاء هذا في قول الله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب:٤٠] ، فختم الله به الرسالات.
خاتم لها وجهان: خاتَم وخاتِم، الخاتِم بالكسر هو الذي ختمهم وأغلقت به الرسالة.
والخاتَم بالفتح كالخاتم الذي يلبس فيتجمل ويتزين به، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو جمال الأنبياء وزينتهم وإمامهم صلى الله عليه وسلم، وهو خاتِمهم أي: الذي ختم الله عز وجل به الرسالات، فلا نبي بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وخاتم المرسلين أيضاً؛ لأنه إذا كان خاتم النبيين فهو خاتم المرسلين؛ لأن كل رسول نبي، فإذا كان قد ختم الله به النبوات فإنه قد ختم به الرسالات صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قال:(وسيد المرسلين) ، أي: صاحب الشرف والعلو والمقام الرفيع فيهم صلى الله عليه وسلم، ولا ريب أنه صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين، ويدلك على ذلك تدافع أولي العزم من الرسل للشفاعة في ذلك الموقف حتى تصير إليه صلى الله عليه وسلم، فيقول:(أنا لها، أنا لها) ؛ فهذا يدل على سيادته وشرفه وعلو مكانته ورفيع منزلته صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريرة:(أنا سيد ولد آدم يوم القيامة) ، فهو سيد كل من ولده آدم، وسيادته لولد آدم تدل على سيادته للمرسلين؛ لأن المرسلين جميعهم من ولد آدم.