ثم قال رحمه الله في بيان القاعدة العامة بعد ذكر الأمثلة:(فإن هذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته، نؤمن به ولا نرده ولا نجحده) ، أي: مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نؤمن به ولا نرده، وهذا هو الواجب على كل مؤمن، وهو أن يؤمن بكل ما دلت عليه النصوص، وألا يرد على النبي صلى الله عليه وسلم قوله، فإن من رد على النبي صلى الله عليه وسلم قوله فقد رد ما يجب قبوله، وعرَّض نفسه للفتنة كما قال الله تعالى:{فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور:٦٣] ، وأي فتنة أعظم من رد قول الله أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم، بل نؤمن به ولا نرده، ولا نجحده، ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره.
والرد هو التكذيب أو الإعراض، والمقصود به هنا فيما يظهر هو الإعراض.
والجحد هو التكذيب مع الإيقان بصدق ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم.
والتأويل هنا هو التحريف.
فنفى المؤلف رحمه الله تعالى عن طريق أهل السنة والجماعة التكذيب والإعراض والتحريف.
قال:(ولا نشبهه بصفات المخلوقين) أي: لا نقول: ضحكه كضحكنا، ولا نقول: إن عجبه كعجبنا، ولا نقول: مجيئه كمجيئنا، بل هو عز وجل ليس كمثله شيء، فلا نشبهه بصفات المخلوقين ولا بصفات المحدثين، أي: الخلق الذين أحدثوا، بل نعلم أن الله سبحانه لا شبيه له، أي: لا مثيل، فنفي الشبيه هنا معناه نفي المثيل، ويوجد في كلام أهل العلم أنهم ينفون الشبيه ويريدون به المثيل لا مجرد ومطلق المشابهة، فإن المشابهة المطلقة ثابتة كما تقدم.
ثم قال رحمه الله في نفي أن يصور الإنسان صفات الله عز وجل أو أن يكيفها:(وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه) أي: على خلاف الصورة التي جاءت في خلدك ودارت في بالك وتحرك بها خاطرك، فالله جل وعلا على خلاف ذلك، وقوله:(فإن الله بخلافه) هذه الجملة يمكن أن يراد بها معنى صحيح ويمكن أن يراد بها معنى باطل، لكن مراد المؤلف هنا صحيح، فمراده أن الله جل وعلا ليس كمثله شيء، وأحسن من هذا في التعبير أن يقال: إن الله تعالى أعظم وأجل من أن يكون كذلك.