ثم بعد أن ذكر الفضل قال:(وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم) والعلماء رحمهم الله يذكرون مسألة المفاضلة ببين الصحابة، ثم يذكرون الخلافة؛ وذلك لكون هاتين المسألتين من المسائل التي يجب اعتقادها في الصحابة، فبدأ المؤلف رحمه الله بذكر الفضل، وبين عقيدة أهل السنة والجماعة في المفاضلة، واعلم أنه لا خلاف بين أهل العلم في تقديم أبي بكر ثم عمر على سائر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما عثمان وعلي فبعد أن أجمعت الأمة على أن الذي يلي الأولين هو عثمان وعلي اختلفوا في أيهما أفضل، فمنهم من قال: الأفضل عثمان ثم علي، أي: فيكون الترتيب أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، وهذا الذي عليه جمهور أهل السنة والجماعة، واستقر عليه قولهم، وأن ترتيبهم في الفضل والمنزلة كترتيبهم في الخلافة.
القول الثاني: أن علياً مقدم على عثمان، وهذا قال به جماعة من السلف من أشهرهم سفيان الثوري رحمه الله، وقيل: إنه رجع عنه لما ناقشه من ناقشه من أهل العلم، وبين له تقدم عثمان على علي.
القول الثالث: التوقف، أي: لا يقول إن عثمان أفضل ولا علي أفضل.
والصحيح من هذه الأقوال هو القول الأول الذي لا ريب في صحته واستقرار قول أهل السنة عليه، وهذه المسألة هل يضلل فيها المخالف؟! الجواب لا يضلل فيها المخالف؛ لأنه قد وقع فيها الخلاف بين السلف، لكن المسألة التي يضلل فيها المخالف هي مسألة الخلافة، فإن ترتيب في الخلافة لا إشكال فيه، وقد اتفق عليه أهل السنة، فمن قال إن علياً أحق ممن تقدمه بالخلافة فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار؛ لأن المهاجرين أجمعوا على تقدم عثمان في الخلافة على علي رضي الله عنه، وقد قال عبد الرحمن بن عوف وهو الذي أوكل إليه عمر رضي الله عنه النظر فيمن يخلفه بين من بقي من أهل الشورى يقول بعد بحث ونظر واستشارة
و
السؤال
لم أر الناس يعدلون بـ عثمان أحداً.
فأجمع المهاجرون والأنصار على خلافة عثمان، بل إن خلافة عثمان خلافة إجماعية لم يقع فيها خلاف بالكلية، حتى علي رضي الله عنه بايعه ووافق، فلم يجتمع الناس في خلافة أحد كما اجتمعوا في خلافة عثمان رضي الله عنه، فالذي يطعن في خلافة عثمان أو يقول إن علياً أولى بالخلافة منه فإنه أضل من حمار أهله كما قال الإمام أحمد رحمه الله، لظهور الإجماع على خلافة عثمان رضي الله عنه.