[معنى قوله صلى الله عليه وسلم:(وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)]
قال رحمه الله:(وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم -أي: آثار السلف- والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات) ، أين ذلك الخبر؟ قال رحمه الله:(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) أي: الزموا سنتي، وسنته هي: طريقته صلى الله عليه وسلم، وهديه.
(وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) ؛ أول وأحق من يصدق عليه وصف الخلفاء هم الخلفاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
ويدخل فيهم كل من تحقق بالرشد والهداية من علماء الأمة؛ لأن علماء الأمة خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(العلماء ورثة الأنبياء) ، فالعلماء هم خلفاء الرسل في أممهم.
قال صلى الله عليه وسلم:(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) ، وإنما يكون راشداً مهدياً من سلم من الغي والضلال.
فالراشد: هو السالم من الغي، والمهدي: هو من سلم من الضلال، فمن سلم من هاتين الآفتين كمل علمه وصح عمله، فكمال العلم والعمل في الرشد والهداية؛ لأن المانع من الحق أحد أمرين: الأمر الأول: عدم العلم، الأمر الثاني: اتباع الهوى.
فمن كان مهدياً فقد حصل العلم، ومن كان راشداً فقد سلم من اتباع الهوى، وإذا تحقق للإنسان الرشد والهدى فقد فاز بإصابة الحق وصلاح العمل، ولذلك فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لهذين الوصفين ليس عبثاً ولا لغواً، وليست أوصافاً مترادفة، وإنما هي أوصاف مقصودة؛ لتكشف من هم الذين ينبغي للإنسان أن يسلك سبيلهم، وأن يتمسك بهديهم.
وهذا الحديث يفيدنا أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تسع الإنسان في السلامة من كل ضلال، فكل من لم يسعه هدي النبي ولا هدي الخلفاء الراشدين فإنه ضالٌ لا محالة، ولذلك ينبغي للمؤمن أن يقتصر عند موارد الاشتباه على ما دل عليه الكتاب والسنة، وما كان عليه سلف الأمة، وما كان عليه الخلفاء الراشدون المهديون.
قال صلى الله عليه وسلم في بيان عظيم وجوب التمسك بهذا:(عضوا عليها بالنواجذ -أي: الأضراس- وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة) ، فكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة يحصل بها الزيغ عن الصراط المستقيم، والخروج عن هدي خير المرسلين صلى الله عليه وسلم.