(إلا الله والراسخون في العلم) ، فالراسخون في العلم يدركون تأويله، وعلى هذه القراءة يكون معنى التأويل في الآية: التفسير.
(وما يعلم تأويله) أي: تفسيره وكشف معناه وبيانه (إلا الله والراسخون في العلم) فالراسخون في العلم يعلمون معنى كلام الله وكلام رسوله، ويردون ما اشتبه عليهم من المعاني إلى ما اتضح؛ فيتبين لهم المعنى.
قال رحمه الله:(فجعل ابتغاء التأويل) أي: ابتغاء التفسير في المشكل مع عدم العلم (علامةً على الزيغ، وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم) لأنه قال: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}[آل عمران:٧] .
يقول:(ثم حجبهم عما أملوه) أي: منعهم عما أملوه من إدراك المعاني مع الزيغ الذي في قلوبهم.
(وقطع أطماعهم عما قصدوه بقوله سبحانه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ}[آل عمران:٧] أي: ما يعلم حقيقة ما أخبر الله به عن نفسه إلا الله.
وأما على القراءة الثانية: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) أي: أن أصحاب الزيغ لا يتوصلون إلى فهم المعاني؛ لأنه لم تصح مقاصدهم، بل مقاصدهم تحريف الكلم عن مواضعه، ولذلك لا يمكن أن يصل الإنسان إلى الحق بنية فاسدة، بل لا بد في التوصل إلى الحق من نية صالحة وعقلٍ سليم، فمن فقد النية الصالحة في العقل والنظر فإنه لا يصيب الحق؛ لأن النوايا الفاسدة تحجب وتمنع من الوصول إلى الحق.