واختلفوا فيمن مات دون البلوغ، ومن بلغ وهو مجنون أو معتوه لا عقل له، فهل هؤلاء يفتنون أم لا؟ على قولين لأهل العلم: فمنهم من قال: إنهم يفتنون ويمتحنون، وهذا قول أكثر أهل العلم.
والقول الثاني: أنهم لا يفتنون ولا يختبرون؛ لأنه ليس معهم عقل، وهذا في حق المجانين، وليس عليهم تكليف من أجل أن تقع عليهم الفتنة والاختبار، وهذا في حق الصغار.
والذين قالوا بالفتنة استدلوا بما رواه مالك وغيره: أن أبا هريرة كان إذا صلى على جنازة قال: (وقه عذاب القبر) ، ومن جملة ما يكون في عذاب القبر ما يكون من الفتنة؛ لأن الفتنة قد يعقبها العذاب، فاستدل بعضهم بهذا على أن الصغار ومن لا عقل له يفتنون، والذي يظهر أنهم يفتنون والعلم عند الله، ولكن هذه الفتنة لا شيء فيها عليهم؛ لأن من لا عقل له يمتحن يوم القيامة، فإن أجاب دخل الجنة وإن امتنع ولم يجب فإنه يكون من أهل النار، والله حكم عدل كما قال عن نفسه:{إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا}[يونس:٤٤] .