فأولاً: مما ذكر من الصفات: صفة الوجه، وصفة الوجه صفة ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، دليل ذلك ما ذكره المؤلف رحمه الله في قوله:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٢٧] حيث أثبت الله عز وجل لنفسه وجهاً، وأضافه إليه، والأصل فيما أضيف إلى الله عز وجل وكان لا يقوم بنفسه أن يكون صفة له عز وجل؛ لأن المضاف إلى الله عز وجل نوعان: إما إضافة أعيان تقوم بنفسها وتستقل، وإما إضافة ما لا يقوم بنفسه ولا يستقل.
مثال الأول: إضافة الناقة إلى الله عز وجل كما في قوله تعالى: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}[الشمس:١٣] ، فالناقة عين مستقلة قائمة بذاتها، وإضافتها إلى الله عز وجل هي إضافة تشريف وتكريم.
ومثله أيضاً قوله تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى}[الإسراء:١](بعبده) هذه الإضافة إضافة تشريف، ومثله أيضاً قوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ}[البقرة:١١٤] فالإضافة هنا إضافة تشريف، والملاحظ في جميع هذه الإضافات أنها إضافة أعيان مستقلة قائمة، أما إذا كان المضاف لا يستقل ولا يقوم بنفسه، فإنها تكون إضافة صفات، ومنه قوله تعالى:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٢٧] ، فالوجه لا يقوم بنفسه مستقلاً، بل لابد أن يكون قائماً بعين، وكذلك اليد، وكذلك سائر الأمور المعنوية التي أضافها الله عز وجل لنفسه.
والوجه يسميه العلماء صفة خبرية، وفي تصنيف الصفات يصنفونه من جملة الصفات الخبرية.