بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [ونشهد للعشرة بالجنة كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة) وكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له بها، كقوله:(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) ، وقوله لـ ثابت بن قيس:(إنه من أهل الجنة) ] .
الفصل الذي تقدم كان فيما يتعلق بفضائل الصحابة رضي الله عنهم، وهذا ذكر فيه الشهادة لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم منهم بالجنة، واعلم أن الشهادة بالجنة نوعان: شهادة لموصوفين وشهادة لمعينين.
أما الشهادة التي تكون للموصوفين فهي كثيرة في كتاب الله عز وجل، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، يأتي فيها ذكر أن من فعل كذا فله الجنة، كقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم) فكل من أفشى السلام وحصل منه الحب لإخوانه المسلمين فإنه موعود بهذا الفضل، وهو دخول الجنة، فهذه شهادة لمن اتصف بهذا الوصف، وهذا النوع لا إشكال فيه وهو مجمع عليه.
النوع الثاني من أنواع الشهادات بالجنة: الشهادة لمعينين، كالشهادة لمن ذكر المؤلف رحمه الله، وأول وأبرز من يشهد لهم بالجنة من خصوا بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وغيره، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة) ، هذه الشهادة لهؤلاء المعينين هي أشهر الشهادات، وهم المعروفون بأنهم العشرة المبشرون بالجنة؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم جمع ذكرهم في حديث واحد.
يقول المؤلف رحمه الله:(ونشهد للعشرة) وهم من ذكروا في الحديث، أي: نشهد ونوقن بأنهم من أهل الجنة، وهذه الشهادة مبنية على خبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
يقول رحمه الله:(كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أبو بكر في الجنة)) وأبو بكر هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
(وعمر) : هو عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء، (وعثمان) وهو ثالث الخلفاء عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عن الجميع، هؤلاء كلهم شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة؛ فنشهد لهم بأنهم في الجنة، وأن خبر النبي صلى الله عليه وسلم فيهم صدق، فهم من أهل الجنة قبل أن يموتوا بخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.