[أدلة استحقاق الخلفاء الراشدين للخلافة على الترتيب]
قال رحمه الله:(وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لفضله وسابقته وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة، وإجماع الصحابة على تقديمه ومبايعته، ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة) هذه المسوغات والاستدلالات ذكرها المؤلف رحمه الله لبيان أفضلية أبي بكر رضي الله عنه، وأنه أحق الصحابة بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
واعلم أن خلافة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم أجمع عليها أهل السنة، ولا خلاف بين علماء الملة في أن أحق الناس بالخلافة وأولاهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر رضي الله عنه، وإذا نظرت إلى خلافة أبي بكر وجدت أن خلافة أبي بكر قد أومأ إليها النبي صلى الله عليه وسلم.
بل قال بعض العلماء: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص عليها، وأقوى ما يستدل للنص عليها ما رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:(ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً لا يختلف عليه الناس ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر) ، فترك الكتابة بناء على أن استحقاق أبي بكر رضي الله عنه أمر مجمع عليه، وأن الله سيصير الأمر إليه شاء من شاء وأبى من أبى.
ومعنى:(يأبى الله ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر) أي: إلا أن يكون هو الخليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى كل حال: فالنظر إلى ما جاء في السنة يجد الإنسان الشواهد المتضافرة العديدة التي تدل على استحقاق أبي بكر رضي الله عنه للخلافة، وأن خلافته أشبه ما يكون بالمنصوص عليها؛ لفضله وسابقته، فهو أفضل الصحابة رضي الله عنهم، وهو أسبقهم إلى الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأسبقهم إلى تصديقه، ولم يقاربه أحد في تصديق النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قدمه النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم، بل إن عائشة رضي الله عنها لما اعتذرت عن تقديم أبي بكر وقالت: إنه رجل أسف، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم:(إنكن صواحب يوسف) ؛ لأن عائشة رضي الله عنها كرهت أن يتقدم أبوها الناس في مرض النبي صلى الله عليه وسلم خشية أن يتشاءم الناس به، فاعتذرت بأنه بكاء، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون المقدم في الصلاة أبا بكر رضي الله عنه.