اقتصر فيه على المعتمد في المذهب، شرحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
ثمَّ ألَّف الموفق (المقنع) لمن ارتقى عن درجتهم، ولم يصل إلى درجة المتوسطين، فلذلك جعله عَريًّا عن الدليل والتعليل، وجعله وسطا بين التقصير والتطويل، غير أنه يذكر الروايات عن الإِمام أحمد، ليجعل لقارئه مجالا إلى كدِّ ذهنه؛ ليتمرن على التصحيح.
وصنف الشيخ الموفق الكافي للمتوسطين، وذكر فيه كثيراً من الأدلة لتسمو نفس قارئه إلى درجة الاجتهاد في المذاهب حينما يرى الأدلة، وترتفع نفسه إلى مناقشتها، ولم يجعلها قضية مسلمة، ثم ألف المغني لمن ارتقى درجة عن المتوسطين، وهناك يطلع قارئه على الروايات، وعلى خلاف الأئمة، وعلى كثير من أدلتهم، وعلى ما لهم وما عليهم من الأخذ والرد، فمن كان فقيه النفس حينئذ مرن نفسه على الاجتهاد المطلق، إن كان أهلا لذلك وتوفرت فيه شروطه (١).
شروح المقنع: بعد تأليف الموفق للمقنع أصبح مدار اهتمام علماء المذهب وطلابه، فقد تناولوه بالشرح والتدريس، والحفظ والإضافة والتعليق، والسبب في هذا الاهتمام الكبير أن الكتاب حاز المواصفات المثلى في نظر أهل العلم من الحنابلة علما وتصنيفا وترتيبا، استمع إلى ما قاله أحد فقهاء الحنابلة المحققين المدققين وهو علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي المتوفى سنة ٨٨٥ هـ: "إن المقنع في الفقه تأليف شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي -قدس الله روحه ونور ضريحه- من أعظم الكتب نفعا، وأكثرها جمعا، وأوضحها إشارة، وأسلسها عبارة، وأوسطها حجما، وأغزرها علما، وأحسنها تفصيلا وتفريعاً، وأجمعها تقسيما وتنويعا، وأكملها ترتيبا، وألطفها تبويبا، وقد حوى غالب أمهات مسائل المذهب، فمن حصلها فقد ظفر بالكنز والمطلب، فهو كما قال مصنفه