للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - الذين يقولون بتوقف العمل بالكتاب والسنة على تحصيل شروط الاجتهاد ليس لهم مستند من الكتاب والسنة، يصرح بأنه لا يصح العمل بالكتاب والسنة إلا لمن حصل شروط الاجتهاد.

ونصوص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين كلها دالة على أن العمل بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا يشترط له إلا شرط واحد، وهو العلم بحكم ما يعمل به منهما، ولا يشترط في العمل بالوحي شرط زائد على العمل بحكمه ألبتة.

ومراد متأخري الأصوليين بجميع الشروط التي اشترطوها هو تحقيق المناط؛ لأن العلم بالوحي لما كان هو مناط العمل به، أرادوا أن يحققوا هذا المناط؛ أي يبينوا الطرق التي يتحقق بها حصول العلم الذي هو مناط العمل.

فاشترطوا جميع هذه الشروط (١) ظنا منهم أنّه لا يمكن تحقيق حصول العلم بالوحي دونها، وهذا الظن فيه نظر؛ لأن كل إنسان له فهم، إذا أراد العمل بنص من كتاب أو سنة، فلا يمتنع عليه، ولا يستحيل أن يتعلم معناه، ويبحث عنه، هل هو منسوخ أو مخصص أو مقيد، حتى يعلم ذلك فيعمل به.

وسؤال أهل العلم: هل لهذا النص ناسخ أو مخصص أو مقيد مثلا؟ وإخبارهم بذلك ليس من نوع التقليد، بل هو نوع من الاتباع.

إن كثيرا من الفقهاء في العصور المتأخرة أوتوا فطنة وذكاء تؤهلهم لفهم أعوص القضايا، وتراهم نبغوا في علوم كثيرة، فإذا عرض الحديث في علم


(١) انظر أضواء البيان: ٧/ ٤٧٨.
وجملة الشروط التي اشترطها الأصوليون في المجتهد هي:
١ - البلوغ ٢ - العقل ٣ - الإسلام ٤ - المعرفة باللغة العربية ٥ - العلم بالأصول ٦ - العلم بأدلة الأحكام من الكتاب والسنة ٧ - العلم بمواقع الإجماع والخلاف ٨ - العلم بالناسخ والمنسوخ ٩ - العلم بأحوال الصحابة والرواة. وبعضهم يشرط المنطق.

<<  <   >  >>