للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون بواسطة اللزوم العقلى أو الشرعى، ثم إن هذا المنطوق بالمعنى الذى أراده المصنف لا يكون إلا صريحا، وأما المدلول اقتضاء أو إشارة فليس من المنطوق عند أحد، أما ابن الحاجب فإن المنطوق عنده: الدلالة لا المدلول. وأما المصنف والقوم فليس من المنطوق عندهم. لأن الدلالة عليه ليست فى محل النطق، وإنما هو عند المصنف من توابع المنطوق، فالمدلولات عنده ثلاثة: منطوق، وتوابعه، ومفهوم. وقد صرح بتثليث الأقسام الآمدى وبعض شروح المنهاج، فإن قلت: ما الفرق بين المفهوم وتوابع المنطوق؟ قلت:

المفهوم يقصد التنبيه بالمنطوق عليه إما تنبيها بالأعلى على الأدنى وبالعكس، أو التنبيه بالشىء على ما يساويه، وكل ذلك للمناسبة بينهما، بخلاف توابع المنطوق كما يعرفه الذكى المحقق، ثم إن المصنف ترك من توابع المنطوق دلالة الإيماء، وسيأتى بيان وجهه إن شاء الله تعالى إلى المقصود منه» (٤). أه.

ثم وفى هذا العلامة- رحمه الله- بما وعد به من حديث دلالة الإيماء فقال: «واعلم أن المصنف- رحمه الله- ترك دلالة الإيماء وهى: أن يقترن المنطوق بحكم أى وصف لو لم يكن ذلك الوصف لتعليل ذلك المنطوق لكان اقترانه به بعيدا؛ فيفهم منه التعليل ويدل عليه، وإن لم يصرح به، ويسمى تنبيها وإيماء مثل اقتران الأمر بالإعتاق وبالوقاع الذى لو لم يكن هو علة لوجوب الإعتاق لكان بعيدا.

لأن هذا إنما يفهم من سياق الكلام لا من اللفظ. وأيضا سيأتى مفصلا فى باب القياس (٥)». أه.

ومن يطالع النص السابق وما قبله يظهر له أن المنطوق قد يكون فى المفردات كما فى النص والظاهر والمؤول أيضا، وكذلك يكون فى المركبات إذا كان المدلول حكما؛ لأن الحكم لا يتصور إلا فى المركبات.

وهناك تقسيم آخر ذكر للمنطوق وهو: أن اللفظ إما أن يدل على تمام المعنى الذى وضع له، وتسمى هذه الدلالة دلالة مطابقة، وإما أن يدل على جزء معناه الذى وضع له، وتسمى هذه الدلالة دلالة تضمن، وإما يدل على لازم معناه الذى وضع له، وتسمى هذه الدلالة دلالة التزام.

أما المفهوم- كما سبق- له اصطلاحان:

فهو عند ابن الحاجب من قبيل الدلالة، وعند الجمهور من قبيل المدلول، ولكن هناك أمور مهمة ننبه عليها:

أولا: المفهوم يطلق على الحكم تارة، وعلى محل الحكم أخرى، وعلى الحكم ومحله معا ثالثة، مثل (تحريم الضرب)، فالتحريم الحكم، والضرب محله، والمفهوم جمع بينهما


(٤) المصدر نفسه ص ٢٣٧ بالهامش.
(٥) المصدر نفسه (ص ٢٤٠).