للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبى صلّى الله عليه وسلم كان يحلف بأبيه ثم نهى عن ذلك.

وقال المنذرى: دعوى النسخ ضعيفة لعدم تحقق التاريخ.

والرابع: أن فى الجواب حذفا تقديره (أفلح ورب أبيه). قاله البيهقى.

والخامس: أنه للتعجب. قاله السهيلى.

والسادس: أنه خاص بالشارع دون أمته.

ورد بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال.

ثم تكلم الحافظ ابن حجر عن القسم بغير الله، وذهب إلى أنه لا ينعقد، ونقل عن بعض الحنابلة استثناءهم للحلف بالنبىّ صلّى الله عليه وسلم القول بالانعقاد فى الحلف به صلّى الله عليه وسلم ووجوب الكفارة فى الحنث، لأنه أحد ركنى الشهادة. وأطلق ابن العربى النسبة لمذهب أحمد ورد هذا.

ثم استنبط من الحديث المشروح- (أفلح وأبيه) - أن من قال: إن فعلت كذا فهو يهودى أو نصرانى. انعقد يمينه. ثم ذكر عن ابن المنذر أنه نقل الخلاف فى الحلف بغير الله، فنقل عن طائفة أن النهى خاص بأيمان الجاهلية لتعظيمهم فيها الأوثان، فهذه يأثم صاحبها ولا تنعقد.

وأما ما كان يؤول إلى تعظيمه- سبحانه وتعالى- والقربة إليه ليس داخلا فى النهى، ومن قال به أبو عبيد وطائفة، ودليله إيجاب الصحابة على الحالف بالهدى والصدقة والعتق، وهذا يعنى أنهم فهموا النهى ليس عاما، وتعقبه ابن عبد البر بأنه ليس حلفا.

ونقل عن الطبرى عدم انعقاد الحلف بغير الله، وأن ابن عباس علل قسمه- سبحانه- بالمخلوقات ليعجب بها المخلوقين ويعرفهم قدرته لعظم شأنها عندهم. ونقل الإجماع عن ابن هبيرة على انعقاد الحلف بالله- والاتفاق على عدم جواز الحلف بمعظم، ونقل انفراد أحمد بانعقاد الحلف بالنبى صلّى الله عليه وسلم، ونقل عن عياض عدم الخلاف بين الفقهاء من انعقاد الحلف بالله أو بصفاته إلا ما روى عن الشافعى باشتراط نية الحالف بالصفات.

وهذا النقل عن الشافعى غير صحيح؛ لأن الشافعى يشترط النية فى ما يصح إطلاقه عليه- سبحانه وتعالى- وعلى غيره. ونقل عن وجه للشافعية أن اليمين الصريح عندهم بلفظ (الله)، وعن المالكية التعميم، وكذلك الحنابلة (٩).

ثالثا: أداة القسم: الغالب فيها أن تكون فعلا كأقسم، ويجب حذف هذا الفعل من الواو القسمية ك (والله)؛ لأن هذه الواو لا تدخل إلّا على الاسم الظاهر، وكذلك يجب حذفه مع التاء، وهى مختصة بلفظ الجلالة (تالله) وتفيد مع القسم معنى التعجب كقول أخوة يوسف: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ (١٠)، وغالبا يذكر الفعل مع الباء القسمية ك (أقسم


(٩) فتح البارى: (ج ١١ ص ٥٣٣ - ٥٣٥).
(١٠) سورة يوسف (٨٥).