عدتهن وهو الطهر الطاهر الذى لم يقع فيه جماع.
ثم تأتى سورة الملك لتثبت أن الملك كله لله لا ينازعه فيه أحد، وكأنها بذلك تقدم تبريرا لانفراد الله بتحريم الحرام وإباحة الحلال.
فهذه السور الثلاث بهذا الترتيب تتلخص فى جمل متراصة:
- إذا حرمتم شيئا مما أذن الله لكم بتحريمه فلا تحرموا إلا على منهج الله، فإنه لا يجوز لأحد أن يحرم شيئا من دون الله، لأن الله- سبحانه وتعالى- هو مالك الملك كله، لقوله سبحانه وتعالى: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ.
الوجه الثانى: التناسب داخل السورة الواحدة:
وهذا التناسب نوعان:
النوع الأول: التناسب بين فاتحة السورة وخاتمتها.
وهذا يسمى: ترابط الأطراف، أو: رد العجز على الصدر.
يقول الدكتور القيعى- رحمه الله-" ومما تجدر الإشارة له: التعرف على الانسجام الكامل بين أول السورة ونهايتها (٢٠).
ومن أمثلة هذا النوع فى سورة البقرة مثلا: فاتحتها ثناء على المتقين الذين آمنوا بالقرآن وما فيه حتى ما لم يعرفوه مثل (الم)، واهتدوا بهداه، وخاتمة السورة شهادة لهم بالإيمان الذى حققوه: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
وسورة النور: لما كان أولها: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ ولما كان معلوما لله تعالى أن الكافرين وأمثالهم سيقولون: وما شأن الله أن يفرض علينا ولنا عقولنا التى نعقل بها أمورنا وندبر بها حياتنا جاء ختام السورة:
أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
وهذا كالجواب على السؤال المثار على أول السورة، أى أن الله أنزل ما أنزله وفرضه لأنه مالك السموات والأرض وهو بكل شىء عليم.
ونحوها سورة الممتحنة: فأولها وآخرها اجتمعا على شىء واحد وهو نهى المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء، أما أولها فقول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي
(٢٠) الأصلان ص ٦٣».