للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أولها: إطعام الجائع.]

وقد حث على ذلك القرآن في مواضع كثيرة مثل قوله تعالى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ- مجاعة- يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ- لله- أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ «١» ، فيجب علينا كفائيا إطعام الجائع إنقاذا له من ألم الجوع. ومحافظة على صحته بل على حياته إن كان يودي بها فقد الطعام، وليكن إطعامه من خير ما نطعم به عملا بقوله تعالى:

وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ «٢» ، وقوله: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً «٣» ، ولم يبعد من عمم الجائع في الإنسان والحيوان.

[وثانيهما: عيادة المريض]

؛ وقد أوجبها كفائيا بعض الفقهاء كإطعام الجائع وفك الأسير، وعضد ذلك بحديث أبي هريرة عند البخاري «٤» : حق المسلم على المسلم.

وبرواية مسلم «٥» : خمس تجب للمسلم على المسلم، وذكر منها عيادة المريض، ولكن الجمهور على أنها في الأصل مندوبة، وقد تصل إلى الوجوب في حق بعض الناس دون بعض، وعيادة المريض تذكرة ومحبة ومنفعة، فهي تذكر الإنسان بناعي الحياة، وتعرفه قيمة الصحة التي يتمتع بها، فينطق بشكر مسديها «٦» ، وهي تزرع المحبة بين المريض وعواده، بل بينهم وبين قرابته، وهي نافعة للمريض تروّح عنه وتسليه، وربما وصف العائد دواء ذهب بالداء؛ أو تبرع بإحضار نطاسي «٧» ، أو أرشد إلى طبيب ماهر، وينبغي أن تكون العيادة في الأوقات المعتادة، وألا يطيل الجلوس حتى يضجر المريض، أو يشق على أهله، ما لم تدع ضرورة إلى ذلك، وأن يلاحظ أوامر الأطباء في ترك اقتراب أو مكالمة، أو قلة الترداد.

[وثالثها: فك العاني]

، وفكه تخليصه من أيدي العدو بمال أو غيره، والجمهور على وجوب ذلك كفائيا حتى لا تكون ذلة لمؤمن كتب الله له العزة. وقال إسحق بن


(١) سورة البلد، الآيات: ١١- ١٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٦٧.
(٣) سورة الإنسان، الآية: ٨.
(٤) رواه البخاري في كتاب: الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز (١٢٤٠) .
(٥) رواه مسلم في كتاب: السلام، باب: من حق المسلم للمسلم رد السلام (٥٦١٥) .
(٦) مسديها: المسدي: المحسن.
(٧) النّطاسيّ: العالم الماهر والطبيب الحاذق.

<<  <   >  >>