للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضروب الخير فإن استقرضك أقرضته. وإن استعانك أعنته. وإن احتاج أعطيته. وإن مرض عدته وإن أصابه خير هنّأته. وإن انتابته نائبة «١» عزّيته. وكن أمينا على أسراره.

متوددا إليه بالهدايا حريصا على مصالحه كما تحرص على مصالحك.

وإذا كان الإحسان للجار مطلوبا فدفع الأذى عنه أمر محتم.

وفي حديث البخاري عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» «٢» ، وفي القرآن آيات كثيرة تحث على الإحسان إلى الجار من ذلك قوله تعالى: وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ «٣» .

٣- قول الخير أو الصمت:

سعادة المرء وشقائه في طرف لسانه فإن حبس لسانه في دائرة الخير- كأمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس أو قراءة علم، أو منطق أدب: نال خيره، وكفى شره. وإن خرج به عن دائرة الخير جلب عليه النوائب وأرداه «٤» في هوة «٥» سحيقة، وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأحد أمرين إما قول الخير وإما الصمت؛ فمن لم يتيسر له الإحسان في القول والنفع به فليمسك عليه لسانه فإن ذلك أسلم له؛

وقد قال العلماء: إن هذه العبارة من جوامع كلمة صلى الله عليه وسلم لأن القول كله إما خير؛ وإما شر، وإما آيل «٦» إلى أحدهما، فدخل في الخير كل مطلوب من الأقوال فرضها وندبها؛ فأذن فيه على اختلاف أنواعه؛ ودخل فيه ما يؤول إليه؛ وما عدا ذلك مما هو شر أو يؤول إلى الشر فأمر عند إرادة الخوض فيه بالصمت.


(١) نائبة: ما ينزل بالرجل من الكوراث والحوادث المؤلمة.
(٢) رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: الوصاة بالجار (٦٠١٤) . ورواه مسلم في كتاب: البر والصلة، باب: الوصية بالجار والإحسان إليه (٦٦٣٠) .
(٣) سورة النساء، الآية: ٣٦.
(٤) أرداه: أردى فلانا: أهلكه.
(٥) هوّة: الحفرة البعيدة القعر.
(٦) آيل: راجع.

<<  <   >  >>