للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحفز العزائم على الدأب والسعي لتحصيل المحامد وابتناء المكارم، كما أن السكوت عنه غمط من شأن أولى الهمم وتثبيط لهم، وفتّ في عضدهم، وإماتة لما عساه يكون عندهم من غرائز يدفعها التنشيط، ويعبرها الغمص والزراية كل هذا خير ما دام القصد ما ذكر.

أما إذا كان المدح للتملق «١» وإسناد الأعمال إلى غير أربابها فإنه مجلبة الطغيان وباعث النفاق والذلة، ومحيي المهانة والحقارة وموجب المقت والسحت والكذب؛ لأن المادح يضطر إلى الإفراط وقوله غير الحق وإلى إظهار ما لا يضمر للممدوح واعتقاده أنه كما يقول مادحه وقد يكون فاسقا أو ظالما وهذا غير جائز.

ففي حديث أنس «إذا مدح الفاسق غضب الرب» ، وقال الحسن رضي الله عنه.

من دعا لظلم بطول البقار فقد أحب أن يعصي الله في الأرض.

فإذا ما سلم المدح من تلك الآفات كما تقدم لم يكن به بأس ولقد كان سيدنا علي رضي الله عنه إذا أثني عليه يقول: اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرا مما يظنون.

١٠٣- باب: جزاء النميمة وعدم الاستتار من البول

عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: مرّ النّبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان المدينة أو مكة فسمع صوت إنسانين يعذّبان في قبورهما فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:

«يعذبان وما يعذبان في كبير» ، ثمّ قال: «بلى كان أحدهما لا يستتر» - وفي رواية: «لا يستبرءى» . وفي أخرى «لا يستنزه من بوله وكان الآخر يمشي بالنّميمة» . [رواه البخاري «٢» وغيره] .

[اللغة:]

الحائط: البستان، في كبير: في أمر يشق عليهما اجتنابه والابتعاد عنه،


(١) التملق: التودّد بكلام لطيف وتضرع فوق ما ينبغي.
(٢) تقدم تخريجه ص ٢١٩ (٢) .

<<  <   >  >>