فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم البائعين والمشترين عن بيع الثمار قبل أن تعقد ببدو صلاحها، وتظهر حمرتها وصفرتها، وتصير بمأمن من الآفات التي تهلكها لكيلا يحصل بينهم الاختلاف إلا المخاصمة إذ قد عرف كل منهم ما هو مقدم عليه وأمن على البدل الذي يأخذه من الآخر.
ولظاهر النهي قال بعض العلماء: ببطلان البيع قبل أن تزهي الثمار سواء قبل وجودها أم بعده وقبل ازدهائها. وقيل: إن البيع جائز ...
هذا ونهاية الحديث تدل على العلة في النهي، وأنه مخاطب به البائع لئلا يأكل مال أخيه بالباطل، والمشتري لئلا يضيع ماله، ويساعد البائع على الباطل. وفيه أيضا قطع أسباب النزاع بين المسلمين.
وهل يكفي بدو الصلاح في جنس الثمار؟ حتى لو بدا الصلاح في بستان من البلد جاز بيع ثمرة جميع البساتين، وإن لم يبد الصلاح فيها، أو لا بد من بدو الصلاح في كل بستان على حدة. أو لا بد من صلاح كل جنس على حدة أو في كل شجرة على حدة.
قال مالك: يكفي بدو الصلاح في جنس الثمار لجواز البيع في الجميع وإن لم يبد صلاحها ولو كانت من أنواع مختلفة.
وقال الإمام أحمد: لا بد من بدو صلاح كل بستان على حدة.
وقال الشافعي: يشترط لصحة بيع كل جنس بدو الصلاح في ذلك الجنس بصلاح بعضه ولا يشترط صلاح الجميع لأن الإزهاء متلاحق واشتراط الكل يؤدّي إلى إفساد أكثره، وقد منّ الله تعالى على عباده بكون الثمار لا تطيب دفعة واحدة ليطول زمن التفكه والتلذذ بها فيشكروا الله على ما آتاهم.
١١٢- باب: فضل التجاوز عن المعسر
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان تاجر يداين النّاس، فإذا رأى