للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجائز أن يقال: حقيقة الأيمان عهد بين الله والعبد أن يقوم بكل ما أمر به ويجانب كل ما نهى عنه. وقد أمر بالتعاون على البر والتقوى. ومن البر بذل الماء وحرّم منع الخير بقوله في سياق الذم مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ «١» ومنه منع الماء وعلى ذلك فالثلاثة داخلة تحت الآية.

ومعنى الآية أن من لم يوف بعهد الله، أو لم يصدق فيه ويخلص، وكذلك من لا يصدق في يمينه واستبدل بذلك عوضا قليلا. وعوضا ضئيلا من نحو ما ذكرنا- وكل ثمن نظير الحق والصدق فإنه قليل مهما كان في نظر الشهويين عظيما- لا نصيب له في نعيم الآخرة ولا حظ. ولا يكلمه الله كلمة رضا وعطف ولا ينظرن إليه نظرة محبة ورعاية يوم القيامة. ولا يشهد له بما ينجيه. أولا يطهره في الدنيا من الأوزار ما دام عاكفا على ما يلوث نفسه. ويدنس فطرته ويعذبه في الآخرة عذابا أليما- فإن تاب وعمل صالحا عاد عليه بالمغفرة والرحمة وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى «٢» .

فالحديث يحتم الوفاء بالعهود، والإخلاص فيها، والنصيحة للرعية في تخير الحكام العادلين، والموظفين المخلصين، ويحرّم الأيمان الكاذبة، والغش في المعاملة وبيع الحق بالشهوات والأعراض الزائلة، ويأمر ببذل المعونة للمحتاجين.

وإنفاق العفو للبائسين وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ «٣» يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ «٤» .

١٧- باب: الرفق بالحيوان

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينا رجل


(١) سورة القلم، الآية: ١٢.
(٢) سورة طه، الآية: ٨٢.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢١٩.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢١٥.

<<  <   >  >>