للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينضب «١» ومعين لا يغيض «٢» وعلى مقدار كثرتهم في الأمة واسترشاد الناس بهم يكون رقيها وعزها.

كما أن في قلتهم وانقضاض الأفراد من حولهم أو ابتعادهم عن الناس يكون انحطاطها وتأخيرها. وانغمارها في جهالة جهلاء، وفشوا الأكاذيب والأضاليل فيها.

وبموت العالم يخبو مصباح يضيء ظلمات الحياة، ويثلم سيف كان للحق ماضيا، وينهدم ركن من أركان عظمة الأمة ومجدها، فإن لم يخلفه غيره بقي ذلك الجانب مهيضا «٣» . وظل ذلك الركن مظلما، واستولت من بعده على العقول الأوهام والخرافات، وثارت من مكامنها هوام الفتنة والزيغ «٤» ، وتصدر المجالس من ليس لها بأهل، وأفتي من ليس بينه وبين العلم نسب ولا صهر فأذاع الأساطير، وملأ الأفئدة والآذان بما ينبو عنه العلم الصحيح. ويجافي الحق والصواب ولا يزال سادرا في ظلماء الزيغ حتى يضل من حوله بضلاله ويعمي البصائر عن سواء السبيل.

فواجب على العلماء أن يذيعوا ما ائتمنهم الله عليه من مسائل العلوم وأبكار الفنون وأن ينشروا بين الناس نور الهدى ولا يستأثرون به دونهم، وعلى العامة أن يحرصوا على تفهم ما يحتاجون إليه في حياتهم حتى لا يصبحوا في بيداء لا هدى فيها ولا رشاد.

١١٨- باب: مضار الاختلاف وكثرة السؤال

عن أي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دعوني ما تركتكم، فإنّما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» . [رواه البخاري ومسلم «٥» ] .


(١) ينضب: نضب الماء: غار وقل.
(٢) يغيض: يقال: غاض الكرام: ذهبوا وقلوا.
(٣) مهيّضا: هيّض فلانا: هيّجه.
(٤) الزيغ: زاغ زوغا: مال عن القصد.
(٥) رواه البخاري في كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم-

<<  <   >  >>