فبين الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من حدث له ذلك واشترى دابة مصراة فهو بالخيار بعد أن احتلبها إن شاء أمسكها ورضي بها على ما فيها من عيب وغرر، وإن شاء ردها على بائعها ورد معها قدحين وثلثا من التمر، لقاء ما احتلبه من لبنها واسترداد الثمن الذي دفعه، لأن البائع غرر به وخدعه واستغل طيب نفسه ونقاء سريرته من اتهام غيره بالغش وعدم احتياطه.
[ومن هذا الحديث تستبين أمور:]
١- أن الخيار لا يثبت إلا بعد الحلب
، والجمهور على أن المشتري إذا علم أنها مصراة ثبت له الخيار على الفور ولو لم يحلب، ولكن لما كانت التصرية لا تعرف غالبا إلا بعد الحلب جعل الحلب قيدا في ثبوت الخيار.
٢- أن المصراة يحل بيعها مع ثبوت الخيار
ولا مدة له بل يثبت عقب الحلب ثلاثة أيام بعد الحلب كما يدل على ذلك بعض الروايات التي روي بها الحديث.
٣- أن هذا الحكم لا يختص بالغنم
بل يشمل الإبل والبقر من كل مأكول اللحم. أما غير مأكوله كالجارية والأتان «١» فلا يرد للبن عوض، وإن ثبت له خيار ردها لفوات أمر مقصود منها.
وهل يثبت الخيار بمجرد الحلبة الأولى أو أن له الثانية والثالثة؟
اتفق العلماء على أن له الحلبة الثانية ولا يسقط خيار بسكوته بعد الأولى.
واختلفوا في الثالثة، فقال الجمهور: إن له الثالثة لأن الحلبة الأولى لا يتحقق معها معرفة التصرية. وكذا الثانية لجواز أن يكون نقصها عن الأولى لاختلاف المرعى أو لأمر غير التصرية فإذا حلب الثالثة تحققت تصريتها فكان له ردها.
٤- يفيد الحديث أن الصاع يرد مع الشاة.
ويلزم من ذلك عدم رد اللبن ولو كان باقيا أي لا يلزم البائع بقبوله لأن نص الحديث أثبت له حقا هو صاع التمر وهل يتعين التمر أو يجوز غيره مما يقتات به أهل البلد أو قيمته؟ مذاهب.
ويدل الحديث أيضا على وجوب الصاع قل اللبن أو كثر حسما للنزاع في قلته
(١) الأتان: الحمارة.