وبينه إلّا آخرة الرّحل. فقال:«معاذ» : قلت: لبّيك رسول الله وسعديك، ثمّ سار ساعة، ثمّ قال:«يا معاذ» ، قلت: لبّيك رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثمّ قال:«يا معاذ بن جبل» ، قلت: لبّيك رسول الله وسعديك، قال:
«هل تدري ما حقّ الله على عباده؟» ، قلت: الله ورسوله أعلم. قال:«حقّ الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا» ، ثم سار ساعة، ثمّ قال:«يا معاذ بن جبل» ، قلت: لبّيك رسول الله وسعديك، قال:«هل تدري ما حقّ العباد على الله إذا فعلوه؟» قلت: الله ورسوله أعلم. قال:«حقّ العباد على الله ألّا يعذبهم» . [رواه البخاري ومسلم «١» وأحمد وغيرهم] .
[اللغة:]
الرديف والردف: الذي يركب خلفك، ويقال الردف أيضا للكفل والعجز، وأردفه: أركبه خلفه، وكل شيء يتبع شيئا فهو ردفه، والترادف: التتابع، والرحل: ما يوضع على ظهر البعير كالسرج للفرس، وآخرته العود الذي يجعل خلف الراكب يستند إليه، ولبيك: مأخوذ من اللب وهو الإجابة والتثنية فيه للتكرير والتكثير أي إجابة لك بعد إجابة ولم يستعمل إلا على لفظ التثنية، وقيل: إنه من التلبية وهي إجابة المنادي من لب بالمكان وألب إذا أقام به، وألب على كذا إذا لم يفارقه، وهو منصوب على المصدر بعامل لا يظهر كأنك قلت: ألب إلبابا بعد إلباب، وقيل: معناه اتجاهي وقصدي إليك، من قولهم: داري تلب دارك أي تواجهها، وقيل: معناه إخلاصي لك من قولهم: حسب لباب، إذا كان خالصا محضا. ومنه لب الطعام ولبابه، وسعديك: معناه ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة، وإسعادا بعد إسعاد، والتثنية فيه والإعراب مثلهما في لبيك، والحق: الشيء الثابت المتحقق، فما للإنسان على غيره إن كان لا تردد فيه يسمى حقا؛ والله حق، والصدق حق، والعبادة: الطاعة مع خضوع أو هي غاية الخضوع.
[الشرح:]
كان معاذ بن جبل الشاب العابد، الأمة القانت، الشهم المجاهد الذي
(١) رواه البخاري في كتاب: اللباس، باب: إرداف الرجل خلف الرجل (٥٩٦٧) . ورواه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على الوحيد دخل الجنة قطعا (١٤٢) .