للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[اللغة:]

إياكم: كلمة تستعمل للتحذير. والطرقات: جمع طرق. وهذه واحدها طريق. فالطرقات: جمع الجمع. والبد: المناص والمهرب والعوض. والإباء:

الإمتناع. والغض: النقصان من الطرف والصوت وما في الإناء يقال: غض وأغض.

والكف: المنع.

هذا وقد جاء في روايات أخرى. حسن الكلام وهداية الضال، وتشميت العاطس إذا حمد، وإغاثة الملهوف، وإعانة المظلوم، والمساعدة على الحمولة وذكر الله كثيرا فتلك سبع إلى خمس.

[الشرح:]

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم صحبه عن الجلوس على الطرقات على المساطب أو الأرائك، أو الكراسي. أو على الأرض بجانب الحوائط مفروشة وغير مفروشة.

فقالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: ما لنا بد منها. ولا غنى لنا عنها. لأنها مجتمعاتنا وأنديتنا. التي نتحدث فيها بشؤوننا. ونتذاكر في مصالحنا. في دنيانا وديننا. ونروّح عن نفوسنا.

ويسرّي بعضنا عن بعض مما ألمّ بنا، فتركها يشق علينا، وكأنهم فهموا أن النهي للتنزيه «١» ، ولا يراد به التحريم. لأنهم لم يعهدوا من الرسول صلى الله عليه وسلم تحريم نافع، ولا إباحة ضار، أو أن النهي لمعنى متصل بالمجالس، لا لنفسها وذاتها، وقد يكون في إمكانهم مجانبة المعنى الذي من أجله كان النهي ولذلك راجعوا الرسول صلى الله عليه وسلم ذاكرين أنها مجالس محادثة ومذاكرة، ومؤانسة ومجاملة، فلم ينهون عنها؟ ولو علموا أن النهي عزمة من العزمات ما راجعوه ولكانوا أول من يمتثل، كما عهدناهم في مواطن كثيرة؛ ينفذون بمجرد الإشارة؛ فما بالك بصريح العبارة؟.

ولقد أجابهم الرسول صلى الله عليه وسلم بما يدل على أن النهي ليس لذات المجالس وإنما هو من أجل حقوق الطريق التي يتعرض لها الجالس؛ وقد يقصر فيها؛ فيبوء «٢» بإثمها؛ فقال لهم: «إذا أبيتم إلا المجالس؛ ورغبتم عن غيرها إليها؛ تجلسون فيها وتتسامرون فأعطوا الطريق حقها» . فسألوه عن حقها؛ شأنهم في استبانة الغامض؛ واستفصال المجمل؛ فبين لهم حقوقها.


- ورواه أبو داود في كتاب: الأدب، باب: في الجلوس في الطرقات (٤٨١٥) .
(١) المنهي عنه تنزيها: ما كان فعله إلى الإباحة أقرب.
(٢) أي يرجع.

<<  <   >  >>