للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشرح:]

ثلاثة أشخاص يغضب الله عليهم يوم القيامة يوم تجزى كل نفس ما عملت فلا ينظر إليهم نظر عطف ورحمة، بل نظر مقت وازدراء، أو لا يلتفت إليهم مطلقا إعراضا عنهم، وزيادة سخط عليهم، ولا يطهّر في الدنيا نفوسهم من الأوزار وكيف يطهرها ولم يعدوها لقبول الهداية بل لوّثوها بخبث طويتهم «١» ؟ وكذب أيمانهم الذي هو ضرب من النفاق، ومنعهم المعونة من هم في حاجة إليها، أو معنى عدم التزكية عدم الثناء عليهم والمدح لهم لأنهم مجرمون، ولهم إلى الغضب وعدم التطهير عذاب شديد في الآخرة، يصلون سعيره، ويقاسمون لهيبه.

فأول الثلاثة رجل له ماء بالطريق [فيمنعه من السابلة المارين به]

كبئر: أو مصاصة «٢» ، أو حوض، أو زير به ما يزيد عن حاجته من الماء فمنعه من السابلة المارين به وهم في حاجة إليه، وإنه لذو نفس خبيثة إذ منع نعمة ساقها الله إليه، بها حياة الإنسان والحيوان والنبات وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ «٣» - منعها من أشد الناس حاجة إليها وهو المسافر وربما كان في ذلك هلكه، منعها في حين لم تكن به حاجة إليها، وإذا كان بفضل الماء بخيلا فهو بغيره أبخل، فهو منّاع للخير لا يسمح به لغيره. لو كان في ذلك حتفه. فلا جرم «٤» كان خليقا «٥» بهذا العقاب. وقد استثنى الفقهاء من ذلك الحربي والمرتد إذا أصرا على الكفر لا يجب علينا بذل الماء لهما.

[وثاني الثلاثة رجل بايع إمامه: ورضي له بالسمع والطاعة. وهو غير مخلص في بيعته]

إنما بايعه لمصلحة خاصة يرجوها كوظيفة يأملها أو ورطة يريد مساعدته على الخلاص منها. أو مال يبتغيه لنفسه أو ولده. فإن أجيب إلى بغيته رضي واطمأن، وإن لم يجب غضب وسخط. وشن الغارة على ذلك الذي بايعه وسمع به في الملأ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ «٦» فمثل هذا جدير بغضب الله وعقابه. ومنعه التوفيق والهداية. إذ باع مصلحة المسلمين والعمل لخيرهم


(١) طويتهم: ما يضمرونه في أنفسهم.
(٢) مصاصة: بقية الشيء بعد أن يمص.
(٣) سورة الأنبياء، الآية: ٣٠.
(٤) لا جرم: أي حقا.
(٥) خليقا: جديرا.
(٦) سورة التوبة، الآية: ٥٨.

<<  <   >  >>