للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليربوع «١» وهي إحدى حجراته يكتمها ويظهر غيرها، والنفاق إن كان في اعتقاد الإيمان فهو نفاق الكفر، وإلا فهو نفاق العمل، ووعد يستعمل في الخير والشر إذا ذكر الفعل، يقال: وعدته خيرا ووعدته شرا، فإذا أسقط قالوا في الخير: وعدته وفي الشر أوعدته، وحكى ابن الأعرابي في نوادره أو عدته خيرا، فالمراد بالوعد في الحديث: الوعد بالخير، وأما الشر: فيستحب إخلافه وقد يحب ما لم يترتب على ترك إنفاذه مفسدة. والغدر: ترك الوفاء بما عاهد عليه، والمخاصمة: المنازعة أصلها من خصم الشيء أي جانبه وناحيته فكل من المتخاصمين في جهة، والفجور: الميل عن الحق والاحتيال في رده وأصله من الفجر وهو شق الشيء شقا واسعا والفجور فتق في الدين.

[الشرح:]

يبيّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن من وجدت فيه أربع خصال كان منافقا خالصا ومن وجد فيه بعضها كان لديه من النفاق بقدر ما وجد فيه، وتلك الخصال هي خيانة الأمانة، والكذب في الحديث، والغدر في المعاهدة، والفجور في المخاصمة وحقا إنها لكبائر موبقة وجرائم مردية، لا تصدر عن مؤمن ملأ الإيمان قلبه.

فخيانة الأمانة ظلم لصاحبها ونزع للثقة من نفوس الناس بخائنها، وهي نوع من السرقة، وقد فسروا الخيانة: بأنها التصرف في الأمانة بغير وجه شرعي كبيعها أو جحدها أو انتقاصها أو التهاون في حفظها.

والأمانة تشمل كل ما ائتمن عليه الإنسان من مال أو عرض أو حق بل تشمل الشرائع التي جعلها الله في يدنا أمانات نعلمها للناس، ونقوم على حفظها بالعمل، ولذلك سمى الله تعالى مخالفة كتابه وسنة رسوله خيانة في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» .

أما الكذب في الحديث فإنه أس النفاق والقاضي على الأخلاق، وهو داع لاحتقار صاحبه، وعدم الثقة في شأن من الشئون، وصاحبه لبّاس «٣» على الناس عاش لهم، والكذاب في الحقيقة ميت بين الأحياء.


(١) نافقاء اليربوع: نوع من الفئران، وهو حيوان من الفصيلة اليربوعية صغير على هيئة الجرذ الصغير له ذنب طويل قصير اليدين طويل الرجلين.
(٢) سورة الأنفال، الآية: ٢٧.
(٣) اللبّاس: كثير الخلط والتدليس.

<<  <   >  >>